بين العبارات المنمقة ورائعة التحرير.. والواقع الذي يعلم المشيشي..
على امتداد الأيــام الماضية تـشـهـد الكثير من جهات الـبـلاد ليلا حالات فوضـى وسرقة
ونهب مـمتـلـكـات عامـة وخاصـة مما حدا بقواتنا الأمنية تبيت ليلتها في قمة المعاناة
مكافحة للمحتجين.. وبـصرف النظر عن الأطراف المهندسة لمثل تلك الاحتجاجات الليلية فلا
يمكن الا الإقــــــرار بأن اغلبية افراد الشعب التونسي أنهكم كذب الحكومـات المتـعـاقـبـة..
وأرهقتهم الحياة التي كــادت أن تـصـبـح مستحيلة في بلادنا تونس..
و لا نعتقد بوجود من له مقومات العيش متوفرة ولو في أدنى
حدها الا ويثور وينتفض ضد الحكومة.. لكن ما لفت نظرنا في الخطاب المتلفز لرئيس
الحكومة هشام المشيشي بالمناسبة.. هو إعلانه بانه يتفهم غضب الشباب و بان صوتهم مسموع وغضبهم مشروع..
وفي نقس الوقت حذر من تحويل الاحتجاجات الي اعمال نهب و تخريب.. كما دعا المشيشي
كل مكونات المجتمع المدني من أحزاب و منظمات ووسائل الاعلام الي عدم الانجراف وراء
التجييش وتأجيج الوضع..
لكن على رئيس الحكومة أن يتواضع ويعلم بأن خطابه هذا كان انشائيا بكل امتياز.. و الواضح انه أحسن قـراءة ما كتب له.. كما هو اضح أيضا ان عبارات الخطاب كانت جد
مختارة مما حدا بها الى أن تكون خارج السياق..
نعم خارج السياق لأنه كان بعلم أن أبواب ومختلف منافذ الحكومة ومختلف
تمثيلياتها جهوية ومركزية لا تزال مغلقة امام العاطلين عن العمل.. وأمام عامة
الناس ممن هدرت حقوقهم المشروعة بسبب البطالة والفقر والتهميش المتواصل.. وكان
يعلم أنه كرئيس للحكومة ومثل من سبقوه في تلك الصفة لا خيار لهم بدل الاصغاء الجدي
لمختلف شرائح المواطنين الا باستعمال الامن والمحاكم للقمع والقهر.. وكان يعلم
رئيس الحكومة انه لا قواتنا الأمنية ولا قضاتنا لهم الحل التنموي..
كما نعتبر ان
كلمة او بالأحرى خطاب المشيشي كان ممتـازا من حيث التحريـر الانـشـائـي فقط.. اما
تجليات عـباراتـه على الواقع فلا علاقة إطلاقا لها به.. ونصيحة الى هشام المشيشي رئيس
الحكومة ان يعترف بأن ما يجري ببلادنا ما هي الا بـــوادر ثــــورة جدية ستحصـل في تونس.. وطبعا الأيـام الاتـيـة سـتـثـبـت مـدى صـحة مـا يقال هنا وهناك.. وليتأكد ان القمع الحكومي للشعب
لن يحل الأزمة بمختلف جهات البلاد..
و يبقى الحل الأمثل هو التغيير الجذري في
سياسة الحكومة بداية من اعتماد الحلول التنموية الجادة والهادفة.. لا استعمال
البوليس ليحل محل الحكومة الفاشلة والعاجزة تمام العجز.. وان كان العجز قد لازم
تونس ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.