معهد القصاب يتعهد بإنقاذ الطفلة ربيعة.. وما أحوجنا إلى إنقاذ عائلتها..
ورقات تونسية كتب حكيم غانمي:
حينما يلتقي الفقر مضاجعا دائما للخصاصة تتكاثر مخلفات دمار الفرد فقير الحال والمحتاج.. وكلّما إستقالت مؤسسات الدولة مخالفة للدستور وممارسة لأبسط واجباتها إزاء الفرد خاصة والمجتمع عامة.. حينها فقط يشعر الفقير والمحتاج فردا ومجتمعا.. بأن تونس حكومة ودولة لا تحترم فئة من الشعب ممن أدمن عذاباتهم الفقر.. وممن لازمتهم الخصاصة.. وممن أنهكتهم الأمراض المزمنة.. وممن أسكرتهم بلا جدود الآلام والأوجاع بمرض ومن دونه.. وكم هو مؤلم أن يكون النجاح الدراسي.. والتألق التعليمي حليف التلاميذ من أبناء عائلات فقيرة الحال قد تكون تكاد بلا سكن.. وبلا مأوى.. ودون قوت إلا ما رحم ربنا الأعلى..
وما أقسى آلام مثل هؤولاء.. والدولة لا تسأل عن أبسط أمورهم.. فما بالك أن تستجيب لآهاتهم المتكاثرة تباعا جراء الفقر والأمراض المزمنة.. والإهمال والتردي.. ولست بمبالغ فيما أدعي..
وإنّما تحاصرني آلامهم.. وتتعبني آهاتهم.. وتتعمق في دواخلي جراحهم منها الخفية والظاهرة.. وتمتطرني أمراضهم بوخزات آلام أوجاعهم جراء الأمراض المزمنة.. والخصاصة والحرمان والإهمال والتردي الذي يعيشون.. وكأني بهم ليس ببشر كغيرهم.. والدليل ما تتضمنه ورقة اليوم من موضوع قد لا يعني الكثير منا.. لأنه ينقل آهات عائلة بأكملها.. من حقها أن تعيش.. ومن واجب الدولة أن تضمن لها كريم العيش ولو في.. وبأدنى درجاته.. ومن هنا تبدأ تفاصيل ورقتي التي بين يديكم..
الإعلام البديل يكشف مأساة إنسانية.. يا حكومة الفشل..
على صفحته الخاصة بشبكة التواصل الاجتماعي " الفايس بوك " كتب المربي والناشط محجوب النصيري موجز لحالة إجتماعية قاسية جدا ومؤلمة حجما أكثر من عمق قساوتها..
فتفاعلت دونما تردد وكان تحركي آني ووفق المستطاع.. محاولة مني لمساعدة عائلة المواطن عبدالكريم عمري القاطن بمدينة لسودة من ولاية سيدي بوزيد.. وهذا نصّ ما كتب محجوب:
"البنت مهددة بقطع الساق ان لم تجر عملية قبل موفى شهر ماي.. الأم تعاني من سرطان الجلد وقد غطى كل جسدها.. وكلما عاودتها الاوجاع سال جلدها دماء.. البنت الصغرى تلميذتي الذكية المجتهدة تعاني مشكلة الربو مثلها مثل اخيها الصغير.. الاب لم يعد يستطيع العمل نظرا لانشغاله بايصال الابناء ومرافقة ابنته الى المعهد.. المسكن ليس له من الاسم الا سقف مهترئ و جدران مهترئة ضاع لونها..
بل هي اصلا ليس لها جدران.. و في كل هذا على الاب ان يتصرف لمصاحبة ابنائه الى المواعيد الطبية في صفاقس مرتين في الشهر.. قد لا تكفي الكلمات للتعبير عن الوضع البائس.. حتى الحاجيات الضرورية من الملبس والطعام لم تعد مطلبا.. هل ترضون ان تفقد بنت مجتهدة وناحجة في دراستها ساقها بسبب عجز الاب على توفير 3 الاف و 500 دينار؟؟؟.. هذه الوضعية امامكم لمن اراد ان ينقذ هذه العائلة.."..
أسرة معهد القصاب تتفاعل سريعا.. وشكرا لهؤولاء.. وكـفـى..
بدافع انساني ومن منطلق تفاعلي مع هول ما فهمت من وراء سطور كتلك.. إتصلت بمحجوب.. طلبت توضيحات وبيانات تخص ما نشره.. وكان لي خير معين على الوصول الى أب تلك الأسرة المنكوبة بكل المقاييس.. وعلى الفور جندت نفسي لإبلاغ صوت هؤولاء البشر.. ممن تجاهلتهم السلطات الجهوية ومعها المحلية..
وما هي الا ساعات قصيرة من الزمن إلا وبلغت أولى خيوط النجاة.. فكان اتصالي بالمدير العام لمعهد القصاب الاستاذ خالد بن جعفر.. وأعلمته بحالة البنت التلميذة ربيعة البالغة من العمر 15 سنة..
وكان مشكورا قد نسّق في اطار القانون مع أطباء الإختصاص هناك.. ولهم جزيل الشكر على التفاعل والتجاوب السريع.. وكان أن طلبوا مني مدهم بتقرير طبي للطبيب المباشر للبنت ربيعة.. وعلى الفور كان لهم ذلك بفضل تعاون وتفاعل من الدكتورين ماهر الخليفي المختص في امراض العظام بالمستشفى الجهوي بسيدي بوزيد وزاهر الأحمدي المدير الجهوي للصحة بسيدي بوزيد.. وما هي إلا ساعة من الزمن وضبط الموعد الطبي للبنت ربيعة بمعهد القصب ليكون يوم الجمعة 20 ماي 2016.. فشكرا لهم جميعا على تعلقهم بواجبهم المهني والإنساني.. وتتواصل المفاجآت السارة..
جرم الإستقالة عن مهامها.. يلاحق أجهزة الدولة التونسية..
بحكم الفقر الضارب في العمق وبحكم المرض والخصاصة والحرمان لهذه العائلة حاولت الاتصال بالسلط المركزية والجهوية والمحلية لاعلامهم بواجب مساعدة هذه العائلة والحال أن التنقل من مدينة لسودة بسيدي بوزيد الى معهد القصاب بمنوبة مكلف لهؤولاء الفقراء.. فكانت صدمتي كما توقعت.. فوزير الشوؤن الاجتماعية بكامل ديوانه ممنوع من التفاعل فما بالك حتى من الرد.. محمد الزريبي المدير العام للنهوض الاجتماعي في حالة غياب دائم.. ونائبه المدير العام المساعد أحمد البلعزي رفض الرد..
والي سيدي بوزيد ومعه المعتمد المختص تراتبيا ضف لهم المدير الجهوي للشؤون الاجتماعية لا وجود لهم هاتفيا..
مبادرة المعلمين ومن معهم.. الحل المنقذ..
وفي الأثناء جاء الحل اليقين والمريح سريعا من المربي محجوب النصيبي الذي تكفل بمعية بعض من زملائه المعلمين بكراء سيارة خاصة لنقل البنت ربيعة ووالدها الى معهد القصاب.. مع تكفلهم بمصاريفهم وفق المستطاع.. فكم هو رائع هذا المد التضامني من معلمين.. تفاعلوا مع حالة هذه العائلة التي كان على السلط أن تمتعها بكافة حقوقهم كمواطنين.. وما أسهل بتر آلام الآخرين لو نتوحد ونتعاون ونتحول إلى يد واحد.. حينها سنحقق ما عجزت عنه دولة الافلاس والفشل الذريعين..
عائلة تونسية تموت رويدا.. رويدا.. ولن أتأخر عن المساعدة..
من جهة أخرى ها أني عازم على تبليغ صوت المواطن عم عبد الكريم عمري وزوجته المصابة بمرض سراطاني وبنتيه التلميذتين المصابتين معا بمرض الربو وإحداهن مصابة ايضا بمرض غريب في ركبتها وهي البنت ربيعة.. أيضا أعلنها صلب ورقة اليوم بأن المسكن الحالي وهو عبارة عن خراب لا يسمح به بأن يكون سكنا.. وأمام تجاهل السلطات التونسية وطنيا ومحليا وجهويا لهذه العائلة التي بلغت لنا أوضاعها عبر وسائل الاعلام البديل.. بأني سأتبنى إعلاميا قضيتهم.. مهما كلفني ذا التبني..
لأنه من العار ومن العيب أن يبقى التونسي لوحده كفرد أو كعائلة في عمق الألم.. وبمنتهى دمار الفقر والخصاصة والحرمان.. ولن أكون جاحدا لحقيقة إنه من العار على دولة تونسية تدعي ضمان حقوق الإنسان.. وما هذه العائلة الا مجرد عينة.. وشكرا لمن تفاعل ولو في صمت بمجرد أسف وتنهيدة.. ومنتهى الشكر والتقدير لمن يعمل بمبادئ الإنسانية والرحمة والعون لغيره ممن يحتاج.. وللموضوع متابعة بإذن الله.
للتواصل والتفاعل معنا: البريد الالكتروني kimo-presse@hotmail.fr الهاتف 587 636 98
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.