مدى وجاهة قرار العقلة شهريا من مرتب هذا الموظف البسيط..
ورقات تونسية ـ كتب حكيم غانمي:
في تونس بلدي وبلدكم وبلدنا جميعا كتونسيين.. حالات كثيرة تتجاوز ما نتصوّر من آباء حرمتهم القوانين وصعوبة ملائمتها مع الواقع من رؤوية فلذات أكبادهم.. ولا سبب إلا الطلاق الذي عادة وغالبا بل دائما.. تكون فيه حضانة الأبناء للأم المطّلقة.. وكم من رجل جلس إليّ ليمدني بملف يكون قد سجّل في ذاكرته كل أرقام القضايا ومختلف تفاصيل وحيثيات ملف قضية النفقة وقضية الطلاق بينه وطليقته.. فترى الرجال من شدّة القهر.. وبسبب عمق الظلم والدمار "الشامل" من المنهمرين في بكاء يصل إلى حد العويل لدى بعض منهم.. وما أكثر هذه الحالات التي يكون فيها إستحالة تنفيذ حق إصطحاب الاباء لأطفالهم ممن لهم حق الحضانة عند الأم المطلقة.. يكون مستحيلا بالرغم من الإثبات القانوني بموجب محاضر بمراكز الأمن وأخرى بموجب محاضر عدول تنفيذ..
واليوم وجدت نفسي مجبرا إلى التطرق إلى هذا الموضوع.. وآخر حالة علمت بها وفهمت كل تفاصيلها.. حكاية موظف بسيط.. مرّ له من الزمن أكثر من 10 سنوات ولم يفلح في مقابلة إبنته وشقيقها.. بسبب أنهما في حضانة طليقته.. التي عملت ما في وسعها إلى تحقيق ما لا يقبل شرعا ولا قانونا.. مستغلة تمردها على القانون بحكم انها تباشر عملها باحدى محاكم الناحية بضواحي تونس العاصمة.. أمّا الطريقة المعروفة هي التنكيل بالزوج المطلق كلما حاول تنفيذ القانون القاضي له بحق الزيارة والاصطحاب لطفليه.. فكان القدر أن يواجه الرجل ما واجه كغيره من المطلقين ممن لهم أطفال في كفالة أمهاتهم المطلقات.. وما زاد الطين بلّة أن هذا الرجل بلغ مرتبة الجوع والتجويع لأسباب العقل من مرتبه سدادا لمعاليم النفقة وغرامات الطلاق.. ومن هنا رأيت أن أطرح هذه الحالة التي فعلا هي جديرة بالمتابعة والمساعدة..
والمؤسف حقا أن هذا الموظف البسيط حرمته طليقته من تقبيل وتحضين ابنته وولده ممن تكفلهم بحكم القانون.. ومرت 10 سنوات والرجل لم يظفر دقيقة واحدة بملاقاة فلذة كبده بسبب المشاكل والاتهامات والادعاءات التي كانت منطلقا الى عدوله عن المطالبة بحقه في زيارة واصطحاب طفليه.. وهاهو الزمن يسير بسرعة وتمر اكثر من عشرية من الزمن والرجل لم يشاهد حتى برمش العين ابنته التي اصبحت بالغة لسنّ 16 سنة ومعها شقيقها الذي بلغ 14 عاما.. والسبب ان طليقته اختارت الزواج ثانية وبالتالي حرم الرجل "الغلبان" من التمتع بحق الابوبة والحال ان له طفلة وشقيقها..
أمّا الجانب الاخر المدّمر حقا بسبب الطلاق أن هذا الاب يشتغل عامل مختص كموظف عمومي باحدى المدارس الاعدادية العمومية بتونس الكبرى.. يتقاضى حوالي 450 دينارا.. وحكمت الأقدار أن يطلّق زوجته (طلاق إنشاء) وكان الحكم قد قضى بتغريمه لفائدة مطلقته وطفليه بمعاليم مالية على النحو التالي: حوالي 8 آلاف دينار جبر الضرر المعنوي.. 3600 دينار جراية على شاكلة رأس مال للمطلقة.. 300 دينار نفقة شهرية لإبنيه (100 د منحة سكن و 200 د مصريف مختلفة للطفين)..
إلا أن المطلقة ومع حلول كل شهر تستصدر من محكمة الناحية بتونس قرار في عقلة من مرتب المطلوب بما قيمته 360 دينار شهريا.. موزعة بين معلوم نفقة الطفلين (300 د) و 60 دينار لفائدة الطالبة / المطلقة بعنوان خلاص نصيب شهري من المبالغ المحكوم بها للمطلقة كمنحة الجراية (على شاكلة رأس مال) و منحة الغرامة جبرا لضرر المطلقة.. ولئن نتسائل عن مدى وجاهة قرار العقلة شهريا من مرتب هذا الموظف البسيط مقارنة بأن أجره شهريا لا يتجاوز 450 د في حين يخصم منه مبلغ 360 د كل شهر؟؟؟..
أيضا وجب الاشارة الى أن هذا الرجل يعيش بحوالي 90 دينار منها الأكل والشرب واللباس ومعاليم ضرورية كالماء والكهرباء وغيرها.. مع أنه متزوج ثانية.. وبعد هذا الطرح وجب القول بأننا تونس لم تنجح بعد في تحقيق الكرامة وسبل العيش الكريم لمواطنيها وما حالة هذا المواطن الا حجة دالة عمّا أقول.. والله ولي التوفيق..
للاتصال والتفاعل معنا:
البريد الالكتروني kimo-presse@hotmail.fr الهاتف 587 636 98
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.