الحكم 122610 فقه قضاء لتفشي ظلم إداري للوزراء.. وكفى..
ورقات تونسية - كتب حكيم غانمي:
التاريخ يشهد بجرأة قضاتها وشجاعتهم تطبيقا للقانون مهما كانت حيثيات ملف القضية ومهما كان ثقل أطرافها.. والتاريخ لا ولن يجحد انها صمدت بالاعتماد على القانون في سبيل أن تكون بذلك المانع للاخلالات القانونية وللتجاوزات الادارية صلب المرفق العمومي.. والتاريخ نفسه يشهد أني من أصحاب الأقلام التي كتبت فرحا بانتصارات القانون من خلال متابعتي منذ سنوات خلت والى الآن لبعض من ملفات بتت فيها بدوائرها المختلفة رقما وتركيبة.. تلك هي المحكمة الادارية التونسية التي سبق وأن كتبت مصفقا لانتصاراتها.. وحررت ورقات فرحا بجرأة قراراتها وبشجاعة وحيادية قضاتها..
بسبب الرفض شكلا.. أكتب..
وهي نفس المحكمة التي أتوقف معها تأثيثا لورقة اليوم.. وهي ورقة حمراء.. نعم ورقة تختزل ما أقدمت عليه الدائرة العاشرة الابتدائية بالمحكمة الادارية حينما أصدرت قرارها بالرفض شكلا بتا في القضية عدد 122610 بتاريخ 22 افريل 2014.. ومن هنا أبدأ وقائع هذه الورقة الحمراء جراء اجتهاد من هذه الدائرة.. وللأسف الشديد كان إجتهادا ليس بموّفق بإعتباره حرّف بعض الوقائع فيما أهمل أهما.. وهو ما جلب للدائرة المعنية هذه الورقة الحمراء.. كقراءة خاطفة ولا تخلو من النقد.. ولا غرض من هذا الطرح إلا الإنتباه إلى خطورة ما لامس عبارات هذا القرار من إجتهاد ليس بصائب هذه المرة..
بسطة موجزة.. عن القضية منطلق هذه الورقة..
ذلك أن القضية عدد 122610 المحكوم فيها بالرفض شكلا بتاريخ 22 افريل 2014 نشرت أمام المحكمة الادارية بتاريخ فيفري 2011.. ويرنو من خلالها العارض الى طلب رفض قرار وزير الفلاحة الرامي الى تمكين المدعي من منحة خصوصية (عنصر حفر بئر عميقة) بنسبة 20 بالمائة عوضا عن 40 بالمائة.. وبعد كل هذه السنوات من الانتظار جاء قرار الدائرة 10 المتعهدة بالرفض شكلا.. وكان تعليلها بما يلي:
تبرير خاطئئ.. و إجتهاد ضعيف جدا..
"وحيث ثبت من أوراق الملف أنه صدر قرار يقضي بمنح المقام في حقه امتيازا ماليا بنسبة 20 بالمائة من قيمة الاستثمار الذي قام به فتظلم المعني بالأمر من ذلك القرار بموجب مكتوبه الوارد على المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسيدي بوزيد بتاريخ 28 افريل 2010 فأجابت المندوبية عنه بموجب مراسلتها المؤرخة في 18 ماي 2010 ثم تظلم ثانية من القرار الصادر في حقه بموجب مكتوبه الموجه لوزير الفلاحة والمضمن بمكتب الضبط التابع للوزارة بتاريخ 4 أوت 2010 فأجابت عنه بموجب المراسلة المؤرخة في 11 ديسمبر 2010..
وحيث كان على المدعي انطلاقا من تظلمه الأول المؤرخ في 28 أفريل 2010 أن يقوم بدعواه الماثلة قبل فوات أجل الشهرين المواليين لتسلمه رد المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسيدي بوزيد المؤرخ في 18 ماي 2010 وفي أقصى الحالات قبل مضي الشهرين المواليين للرفض الضمني المتولد عن صمت الإدارة مدة شهرين حيال مكتوبه المشار اليه انفا في حالة عدم تسلمه مراسلة المندوبية المؤرخة في 18 ماي 2010.. وحيث طالما أن المدعي رفع دعواه الماثلة بتاريخ 25 فيفري 2011 فان قيامه يعدو خارجا عن الآجال القانونية المنصوص عليها بالفصل 37 من قانون المحكمة الادارية ويتعين لذلك رفض الدعوى شكلا.." ..
هذا تعليل يبدو في ظاهره بمنتهى المنطقية لكن جاء ضعيف التعليل بما يعكس الاجتهاد الضعيف جدا لهيئة ورئاسة الدائرة المتعهدة.. باعتبار ما سنبينه لاحقا بداية من النقطة التالية:
حكم بني على أن المدعي عليه ليس الوزير وقراره..
لقد فات هذه الدائرة التي لم تكن مركزة ومتثبتة بقدر مطلوب في أدناه على الأقل أن القضية رفعها المدعي ضد وزير الفلاحة طعنا أمامها في قراره الذي أيّد قرار المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسيدي بوزيد كمرفق عمومي يرجع بالنظر لاشرافه كوزير قطاع.. وليس ضد المندوب بالرجوع الى عريضة الدعوى وباقرار المحكمة في حد ذاتها.. علاوة على أن المدعي كان محقا في إختياره الطعن في قرار وزير الفلاحة أمام المحكمة الإدارية بالرغم من اعتراف صريح من المحكمة بأن المدعي عليه هو وزير الفلاحة..
والحال أن آخر قرار مطعون فيه أمام المحكمة الإدارية هو قرار وزير الفلاحة.. بما يجعل الدائرة الإبتدائية العاشرة بالمحكمة الادارية حرّفت الوقائع وأهملت حقيقة جوهرية ألا وهو أن المدعي عليه هو وزير الفلاحة وقراراه المؤرخ في 11 ديسمبر 2011.. ومن هنا لم يسلم هذا الحكم من مشروعية نعته بضعف التعليل وعدم جديته من حيث أنه حرّف بعض الوقائع.. وهذا ليس بمراوغة ولا بتضليل للرأي العام.. وإنما هو ثابت من خلال ما عللت به الدائرة حكمها..
إهمال من المحكمة لجوانب مهمة.. وضياع حق المدعي شكلا..
مسالة اخرى لم تتوقف عندها الدائرة الابتدائية العاشرة المتعهدة بهذه القضية هي عدم مناقشتها لعنصر القوة القاهرة الواردة بتقارير المدعي ونائبه.. ذلك أن القرار المراد الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية لغرض رفضه هو مضمن بتاريخ 11 ديسمبر 2011 ولم يرد على المدعي الا خلال شهر فيفري 2011.. وهو ما لم تثبته وزارة الفلاحة التي رفضت الرد عن طلب القاضي المقرر المتعهد بالطور التحقيقي لهذه القضية حينما طالبها رسميا مع اعادة تذكيرها بأن تمد الدائرة المتعهدة بما يفيد تسلّم المدعي رد وزير الفلاحة ذاته.. كمد المحكمة بعلامة البلوغ مثلا..
وهو ما يزيد منطقية وموضوعية لما تمسك به المدعي من بلوغ الرد ذاته له الا بتاريخ فيفري 2011.. والكل يعلم أن المصالح البريدية والادارية بولاية سيدي بوزيد منذ بداية شهر ديسمبر 2010 بدات تتعطل تدريجيا الى ان بدات ثورة 17 ديسمبر 2010 وتلتها ثورة 14 جانفي 2011.. وبالتالي فان اهمال المحكمة مناقشة وإعتماد عنصر الدفع بالقوة القاهرة كتمسك مهم للمدعي وفق أوراق ملف القضية.. يزيد الشك باليقين حول عدم إصابة هذا الحكم مرماه من حيث العدل والانصاف.. وهو من مواطن وصفه بالوهن والضعيف والمخالف للقانون بصريح العبارة.. وهذا رأي شخصي أستنتجه من وحي هذا الحكم ومكونات ملف قضيته التي ننتظر موقف الطور الاستئنافي فيها بإذن الله..
القوة القاهرة والخرق الواضح للقانون..
الحكم 122610 يشجع بفقهه القضائي.. الوزراء على ظلم المواطنين..
حتما ستقيس مختلف الوزارات ومصالحها ووزرائها واطاراتها بهذا الحكم (عدد 122610) لتتعمد الادارات المركزية عدم الرد على مطاعن المواطنين حول قرارات المندوبيات والادارات المحلية والجهوية الراجعة لها بالنظر والاشراف.. حتى تتملص من سيف ورقابة المحكمة الادارية التي اصبح فقه قضائها من خلال قرار الدائرة الابتدائية العاشرة هذا.. وتتمسك بالرفض شكلا باعتبار ان الطعن اداريا امام الوزير المعني لا يوقف سريان اجال مدة 60 يوما المنصوص عليها بالفصل 37 من قانون المحكمة الادارية..
وبالتالي فان حكم هذه الدائرة كما نقدت وكيفما قرأت بهذه الورقة انما هو تشجيع قانوني وقضائي للوزارات والوزراء واطاراتهم المركزية بالدوس عن حقوق المواطنين كهذه الحالة.. التي لخصت وقائعها ومختلف تداعياتها المحتملة في ورقة حمراء أتوجه بها علنا الى رئيس وأعضاء الدائرة الابتدائية العاشرة بالمحكمة الادارية.. التي مع الأسف أعطتني صورة مخيفة ومشاعر لا تطمئنن خاصة وأن الاخلالات والتجاوزات القانونية والادارية كانت واضحة جدا ولا تكلف مجهودات مهمة للوقوف عليها.. ورقة أختمها بندائي الى ضرورة تطبيق القانون تطبيقا سليما.. وهو مطلب المتقاضي وليس مزية من القاضي.. مع أني أحترم مليا قضاتنا الشرفاء وأعترف بمجهوداتهم المهنية في سبيل تحقيق العدل والانصاف...
حتما ستقيس مختلف الوزارات ومصالحها ووزرائها واطاراتها بهذا الحكم (عدد 122610) لتتعمد الادارات المركزية عدم الرد على مطاعن المواطنين حول قرارات المندوبيات والادارات المحلية والجهوية الراجعة لها بالنظر والاشراف.. حتى تتملص من سيف ورقابة المحكمة الادارية التي اصبح فقه قضائها من خلال قرار الدائرة الابتدائية العاشرة هذا.. وتتمسك بالرفض شكلا باعتبار ان الطعن اداريا امام الوزير المعني لا يوقف سريان اجال مدة 60 يوما المنصوص عليها بالفصل 37 من قانون المحكمة الادارية..
وبالتالي فان حكم هذه الدائرة كما نقدت وكيفما قرأت بهذه الورقة انما هو تشجيع قانوني وقضائي للوزارات والوزراء واطاراتهم المركزية بالدوس عن حقوق المواطنين كهذه الحالة.. التي لخصت وقائعها ومختلف تداعياتها المحتملة في ورقة حمراء أتوجه بها علنا الى رئيس وأعضاء الدائرة الابتدائية العاشرة بالمحكمة الادارية.. التي مع الأسف أعطتني صورة مخيفة ومشاعر لا تطمئنن خاصة وأن الاخلالات والتجاوزات القانونية والادارية كانت واضحة جدا ولا تكلف مجهودات مهمة للوقوف عليها.. ورقة أختمها بندائي الى ضرورة تطبيق القانون تطبيقا سليما.. وهو مطلب المتقاضي وليس مزية من القاضي.. مع أني أحترم مليا قضاتنا الشرفاء وأعترف بمجهوداتهم المهنية في سبيل تحقيق العدل والانصاف...
للتواصل والتفاعل:
البريد الالكتروني kimo-presse@hotmail.fr الهاتف 587 636 98
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.