بحث في الأرشيف

الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

تحت المجهر: القضاء الاستعجالي بدولة سيدي بوزيد.. وحتمية شبح "المساس بالأصل"..

من الحقائق المرة بطعم العلقم.. ننشرها عسى تدارك ما امكن..

ورقات تونسية ـ كتب حكيم غانمي:
للأسف الشديد في بعض المحاكم الابتدائية التونسية تحوّل القضاء الاستعجالي إلى القضاء البطيئ.. وبالتالي جاز القول بأن القضاء غير المستعجل يدوم دهرا طويلا من الزمن.. والمؤسف أكثر أن يكون مآل أغلبية المطالب بل قل القضايا المرفوعة إستعجاليا الرفض بتعلة "المساس بالأصل".. وهو المخرج القانوني الوحيد الذي به تعلل مثل تلك القرارات التي تكون سببا حتميا في ضياع حقوق المتقاضي طالب بل الأصوب قولا هو الطامع في حكم إستعجاليا قد ينقذ حقوقه المهددة فعلا بالضياع.. وليس بمثل هذه التعابير نرنو الى نكران المجهودات الماراطونية التي بها يقوة قضاة القضاء الاستعجالي بمحاكمنا الابتدائية وهم في الأصل رئيس كل محكمة ابتدائية أو من ينوبه من وكلاء الرئيس لذات المحكمة.. ولا لغاية إتهامهم بالتقصير المهني ولا حتى بمحدودية معارفهم ومهاراتهم وخبرتهم.. فقط ربما لأسباب أخرى ليس مجال ورقة اليوم للحديث عنها.. لكن من خلال مقالنا هذا نتوقف عند النقاط التالية..
عندما تتحول من ساعة إلى أخرى.. إلى حدود الشهر من الزمن..
ورد بالفصل 201 من م.م.م.ت ما يلي: "يقع النظر استعجاليا وبصفة مؤقتة في جميع الحالات المتأكدة بدون مساس بالأصل".. و"للحاكم عند شديد التأكد الإذن بالاستدعاء لليوم نفسه أو للغد كما يمكن له أن يتلقى المطلب مباشرة ولو بمنزله الخاص وان يأذن باستدعاء الخصوم حينا وحتى في أيام العطل وفي هاته الصورة يمكن الاستدعاء بواسطة العدل المنفذ أو أحد أعوان المحكمة أو السلطة الإدارية ويرجأ خلاص المعاليم إن اقتضى الحال".. والملفت للانتباه أن ذلك الفصل أفرغ من مضمونه بما جعل النظر إستعجاليا في جميع الحالات المتأكدة شريطة دون المساس بالأصل.. والحال أن أغلبية قضاة القضاء الاستعجالي تكبلهم "مخاوف" المساس بالأصل..
ولا مناص من أن الضرر الذي حدا بالطالب برفع قضية استعجالية له بالضرورة مساس بالأصل.. لأن مظروفات ملف القضية الاستعجالية هي ذاتها المكونة للقضية الأصلية.. وبالتالي يتسلح القاضي الاستعجالي بالعبارة الثانية من الفصل 201 من م.م.م.ت ويقضي بالرفض متعللا بالعبارة المشهورة "للمساس بالأصل"..
حينها لا قيمة لما يسمى بضمان المحكمة للحقوق تحت راية القضاء الاستعجالي او المعروف بما يسمونه بـ "من ساعة الى أخرى".. 
ومن جهة ثانية نرى أن جنوح قضاة القضاء الاستعجالي الى تأخير الجلسة الى الأسبوع القادم فيه هدر للزمن وبالتالي لا يضمن حماية حقوق المتقاضي الطالب..
إذ كان على قاضي القضاء الاستعجالي تأخير الجلسة الى جلسة مقبلة وخلال نفس الاسبوع.. وذلك لاقتصار تباعد الجلسات التي قد تصل الى أكثر من شهر.. مع الاشارة الى أن قاضي الاستعجالي يبقى محمولا عليه ضمان حق الدفاع لكل الخصوم.. لكن شريطة أن لا يسبب ذلك طول نشر القضية الاستعجالية الى حوالي شهر وأكثر.. سيما وأن تزامن موعد جلسة القضاء الاستعجالي بمحكمة ما ليوم عطلة عيد مثلا.. سيزيد تباعد الاسابيع بما يعني تطويل أمد نشر القضية الاستعجالية.. وعادة ما يكون الحكم فيها بالرفض للمساس بالأصل.. ولكم عينات من القضاء الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية بدولة سيدي بوزيد العظمى..
 إنتصار مقاول حفر آبار فاشل.. والسبب "المساس بالأصل"..
قضية من ساعة الى أخرى قضى فيها القضاء الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية بدولة سيدي بوزيد العظمى بالرفض للمساس بالأصل في السنة الفارطة.. وموجز تفاصيل وقائعها أن مقاول حفر آبار عميقة رفض اتمام انجاز اشغال حفر بئر عميقة بالرغم من توصله لمختلف مستحقاته المالية وفق ما يقتضيه العقد المبرم بينه وطالب الزامه استعجاليا بمواصلة الاشغال.. 
وكانت مصالح وزارة الفلاحة في نطاق تدخلاتها القانونية الزمته بذلك.. وبعد أكثر من شهر عمر نشر القضية جاء القرار بالرفض للمساس بالأصل..

ولئن كان قاضي القضاء الاستعجالي محقا أم لا في قراره الذي علله قانونا.. فما يعاب عليه هو السماح بطول نشر القضية.. لأن الخبراء والمختصين أكدوا على أن التوقف لاشهر دون مواصلة اشغال حفر البئر العميقة يسبب ضعف تدفق الماء من البئر.. وهو ما حصل فعلا في هذه الحالة.. وكان تعيين الجلسة بعد أسبوع..
وخلال اول جلسة طلب محامي المطلوب التأخير للاطلاع واعداد وسائل الدفاع.. فاستجابت المحكمة وكان التأخير لاسبوع اخر.. وخلال الجلسة الثانية طلب محامي المطلوب ثانية.. ودون موجب مقنع.. استجابت المحكمة.. وقررت التأخير لاسبوع اخر.. وفي جلسة الاسبوع الرابع لم يضف جديدا محامي الضد.. فقررت المحكمة حجز آلها الرفض للمساس بالأصل.. والنتيجة كانت انسداد البئر العميقة وبالتالي تكبد الفلاح المدعي خسارة بعشرات الملايين من عملتنا التونسية.. والسبب هو لعنة "المساس بالاصل" والقضية الاستعجالية التي دامت أكثر من شهر.. والحال أنها قضية استعجالية.. ويا لها من استعجالية وتكييفها القانوني كما هو متعارف عليه هو "من ساعة الى اخرى".. انها حقائق مرة بطعم العلقم ننشرها عسى تدارك ما امكن.. وهذا ليس بجرم ولا بعيب مما لا جدال فيه.. ولكم التعليق..
 مواطن يعترض على ملك الدولة.. وكهربة الآبار تعطلت..
قضية استعجالية ثانية ما تزال حاليا منشورة أمام القضاء الاستعجالي بالمحكمة الابتدائية بدولة سيدي بوزيد العظمى.. ملخصها أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز ممثلة في اقليمها بتلك الدولة العظمى قررت تثبيت عمود كهرباء لربط بعض الابار العميقة بشبكة الكهرباء من الضغط العالي.. وكان مكان تثبيت ذلك العمود ملك الدولة بموجب ترخيص في الغرض تحصلت عليه مصالح الشركة.. الا ان احد المواطنين اعترض عن ذلك بتعلة ان ملك الدولة ملكه.. فتوقفت الاشغال.. 
وقررت الشركة التونسية للكهرباء والغاز ممثلة في اقليمها بدولة سيدي بوزيد العظمى رفع قضية استعجالية في الغرض توصيفها "من ساعة الى اخرى".. 
الا ان محكمة القضاء الاستعجالي كالعادة.. عينت جلسة اولى ليوم الاثنين 02 أكتوبر 2017 وخلالها حضر نائب المدعي عليه وطالب بالتأخير.. وفعلا استجابت المحكمة له وأخرت موعد الجلسة الى يوم الاثنين 09 اكتوبر 2017.. وحتما ستتأخر القضية الى اسبوع اخر.. وخلال تلك الجلسة ستقرر المحكمة حجزها للمفاوضة والتصريح للاسبوع القادم.. وبالتالي سيمر الشهر من الزمن واكثر ربما.. ومصالح استثمارية معطلة.. والحال انه لا موجب يفرض على المحكمة التاخير لاسبوع كامل.. وكان بالامكان تاخيرها الى الجلسة المقبلة والتي تتزامن ونفس الاسبوع.. الا اذا كان بالمحكمة الابتدائية بدولة سيدي بوزيد العظمى لا تنتصب في القضاء الاستعجالي الا يوم الاثنين.. بمعنى مرة في الاسبوع..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.