بحث في الأرشيف

الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

تحت المجهر: القانون عدد 46 المتعلق بالتصريح بالمكاسب.. طرح إستحالة تنفيذه واقعا من حيث الآجال وفق شوقي قداس رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية..

هذا القانون لم يكن محبوكا تشريعيا.. ويفتقر الى اخلالات دستورية..

ورقات تونسية ـ كتب حكيم غانمي:
في تونس التي أصبحت غريبة وباتت عجيبة لم نعد تفهم حقائق الأمور.. كيف لا والمشرّع التونسي تحوّل كمؤسسة تشريعية إلى "حانوت" بداخله تتراصف أعداد من الفاشلين والأميين قانونيا ودستوريا علاوة على الفاشلين من أهل الاختصاص القانوني والدستوري.. ولا خيار لنا غير التسليم بأنهم كونوا تركيبة المؤسسة التي تشرّع للقوانين وهو ما يعبر عنهم بالمشرّع التونسي.. هذا الذي يقرر منطوق فصول قانونية وقوانين لا منطقية لها ومنها ما تلازمه استحالة التنفيذ لأسباب عديدة وان كانت جد منطقية ومعقولة.. ولعل مخالفة الدستور التونسي من خلال تعمد عدم إرساء المحكمة الدستورية.. في خضم مسارعة "الكل" باصدار تلك القوانين والتعجيل بانفاذها يطرح أكثر من نقطة استفهام.. ويزيد الغموض أكثر.. وكعينة على كا نتاوله من خلال ورقة اليوم نتوقف مع القانون عدد 46 والمتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح الذي دخل حيز التنفيذ في آجال قصيرة المدى من تاريخ اصداره.. وكانت استحالة تطبيق منطوق الفصل 50 من ذلك القانون..
وحجتنا ما صرّح به مؤخرا شوقي قداس رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إذ أكد على أنّه لا يمكن القيام بعمليّة التصريح بالمكاسب في ظرف ستين يوما بالنظر إلى العدد الهائل للأشخاص الذين يستوجب عليهم التصريح والبالغ عددهم قرابة 350 ألف مصرّح (7 أصناف).. فيما ينصّ الفصل 50 من قانون التصريح بالمكاسب على: "انّه يتعيّن على الأشخاص الخاضعين لواجب التصريح تسوية وضعياتهم في أجل شهرين من تاريخ صدور الأمر الحكومي المتعلّق بضبط الأنموذج بالرائد الرسمي.".. ووفق تصريحات قداس نتبين وأن هذه الإشكاليات بالأساس سببها غياب دراسة النتائج عن مشاريع القوانين صلب مجلس نواب الشعب موضّحا أنّ هذه الدراسات تعدّ إلزامية في البرلمانات المقارنة وتسمح بالقيام بتوقعات حول نتائج تطبيق القانون عند المصادقة عليه..
ومن جهة أخرى أوضح قداس أن قيام المعني بالأمر بعملية التصريح عند توليه المنصب وعند تغير ذمته المالية او المادية وكل 3 سنوات وعند انتهاء مهامه سيجعل من عدد التصاريح هائلا ولن يسمح للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من تقبلها في أحسن الظروف ومراقبة محتواها ومقارنتها بالتصريح الأولي.. وأنّ عدم إعطاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الوقت الكافي لأخذ التدابير اللازمة للقيام بمهامها علي أحسن وجه على غرار وضع المنظومة الإلكترونية لتقبل التصاريح عن بعد سيغرقها في الملفات والأوراق التي تستدعي حفظها وتأمينها قائلا انّ إدخال المعطيات بالمنظومة والقيام بالتحقق من خلو الأخطاء في إطار عملية الرقمنة وتأمين التصاريح الورقية والتسجيلات الإلكترونية عملية صعبة التحقيق في وقت وجيز..
أما في ما يتعلق بمخالفة قواعد حماية المعطيات الشخصية في علاقة مباشر بذلك القانون أوضح رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصيات بأنّ القانون يلزم الهيئة بواجب نشر محتوي التصريح لثماني أصناف لكنّ ذلك فيه خرق لقواعد حماية المعطيات الشخصية على معنى الفصل 49 من الدستور الذي يحدد الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات مضيفا أيضا أنّ هذا الإلزام يخل بمبدأ المساواة بين المصرحين.. وبخصوص التدابير التي يجب على هيئة مكافحة الفساد اتخاذها لحماية هذه المعطيات أكّد قداس على ضرورة تكوين الأعوان المتقبلين للتصاريح وإلزامهم بقواعد أخلاقية لمهمتهم كما يجب في أقصر الآجال المرور الي المنظومة الإلكترونية التي يجب تأمينها وعدم السماح بالولوج اليها لمن ليس مرخص له بذلك إضافة إلى التصريح لهيئة حماية المعطيات الشخصية من قبل هيئة مكافحة الفساد لمعالجة هذه المعطيات..
والملفت للانتباه أن ضعف الاقبال من لدن المعنيين بالتصريح بالمكاسب والمصالح ما يزال ضهيفا ومحتشما للغاية.. وهو ما يفسر ان هذا القانون يبقى دون تحقيق أهدافه تلقائيا.. علما وأن عمليات تلقّي التصاريح بمقر الهيئة انطلق منذ يوم 16 أكتوبر 2018 وهو تاريخ موافق لدخول القانون عدد 46 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح حيّز التنفيذ.. إذ أنّ عدد المصرحين بالمكاسب قد بلغ أكثر من 50 مصرّح الى غاية تاريخ نشر هذا المقال.. والحال أن حوالي 350 ألف مصرّح تعنيهم أحكام هذا القانون.. الذي مع الأسف لم يكن من القوانين المحبوكة جيدا من حيث المضمون.. ومن حيث ملائمته ببعض القوانين السابقة.. وهذا ثابت بلا جدال من طرف المختصين والخبراء في القانون.. مما يتجه صياغة ورقة اليوم أملا في لفت النظر لبعض ما خفي عن عيون الفارحين بقوانين تونسية حديثة الاصدار ولا قيمة لها في عدد من فصولها..

 للتواصل والتفاعـل:
البريد الالكتروني kimo-presse@hotmail.fr الهاتف 587 636 98

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.