في السابق كنت أعتقد أن قصة علي بابا والأربعين حرامي حكاية خيالية، الى أن زرت قصر سيدي ظريف في زيارة تفقد بمناسبة أداء مهامي سابقا برئاسة الجمهورية، اذ اكتشفت حينها أن لنا مغارة بن علي بابا في هذا القصر الفخم الذي بني من عرق التونسيين، ذهلت يومها لهول ما رأيت (وليس من رأى كمن سمع)، ففي هذه المغارة كما اسميتها يوجد ما لا عين رأت و لا أذن سمعت ولا خطر ببال بشر.. لقد سمعنا الكثير قبل الثورة عن نهم العائلة الناهبة وثرائها الفاحش، و لكن لم أكن أتصور أبدا أنهم بهذه الدرجة من البذخ والترف الذي يلامس الكفر بنعمة الله..!!.. بناء هذا القصر في حد ذاته شابته عمليات فساد مالي ضخمة تعكس كيفية ادارة شؤون الدولة من طرف العصابة الناهبة التي كانت تتصرف في البلاد كأنها مزرعة خاصة.
فبالرجوع الى تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة (الصفحتين 23 و24) فقد ثبت من خلال الوثائق التي عثرت عليها اللجنة بقصر قرطاج أن ديوان المساكن العسكرية قد فوّت في عدد من القطع الكائنة بسيدي بوسعيد تبلغ مساحتها 8812 م م للمخلوع الفار وذلك بثمن جملي قدره 100685 دينار أي بحساب معدل سعر بحوالي 11,425 دينارا للمتر المربع الواحد) في مدينة سيدي بوسعيد يا بوقلب..!!.. كما تكفلت وزارة الدفاع الوطني بمصاريف هامة بلغت ما يقارب الأربعة مليارات بعنوان تهيئة هضبة سيدي بوسعيد وتعهّد وتجهيز مصحة محاذية للقصر لفائدة المخلوع وعائلته..
ففي مدخل القصر يوجد مستودع ضخم أودعت به كميات ضخمة من الأثاث منها: مئات الزرابي الفاخرة، مئات أجهزة البلازما، مئات الثلاجات الخ.. هذا المستودع هو عبارة عن سفينة سيدنا نوح أودع فيه من كل زوجين.. المئات..!!.. وقبل الولوج الى القصر توجد شجرة ضخمة و نادرة مستوردة من ايطاليا بثمن قدره مائة و خمسين ألف دينار..!!.. أما الداخل الى القصر، فتشده الفخامة والابهة في كل زواياه، يزيد عدد غرفه عن 300 غرفة مؤثثة بكامل المرافق كأفضل ما يكون، كل شيء مستورد من اعلى طراز من الاسواق العالمية تقريبا، وكل شيء فائض عن الحاجة:
مئات البدلات الأنيقة المستوردة من أفضل الماركات العالمية، مئات الانواع والالوان من الجبة التونسية، مئات الأحذية الفاخرة المستوردة من مختلف الماركات العالمية لحفظ هيبة المخلوع وبالمثل لليلاه مئات المعاطف المستوردة من مختلف الماركات العالمية، مئات الأحذية، مئات الفساتين ومئات الحقائب اليدوية الخ.. ففي المحصلة النهائية، وقع جرد ما لا يقل عن 42 ألف من المنقولات الثمينة داخل قصر سيدي الظريف، منها كمية كبيرة من المصوغ والمجوهرات لم يكن مؤلف ألف ليلة و ليلة ليتخيلها عندما قام بصياغة قصة علي بابا والأربعين حرامي (وقعت معاينتها من طرف عدول تنفيذ وجردها في محاضر رسمية مكونة من حوالي 41 صفحة حسب الملحق المضاف لهذا) من ضمنها ما لا يقل عن 185 ساعة يدوية من الذهب الخالص و مرصعة بالألماس..!!..
فعندما زرت قصر سيدي الظريف تذكّرت شظف العيش الذي كان يعيش فيه التونسيون وتذكّرت الأحياء القصديرية.. وتذكّرت مئات الآلاف من التونسيين الذين قضّوا زهرة شبابهم في الدراسة وطلب العلم ثم وجدوا أنفسهم يعيشون مرارة البطالة في الوقت الذي ينعم فيه المخلوع وعصابته بكل أسباب الرفاه الفاحش من عرق التونسيين.. وتمنيت من كل قلبي تحويل هذا القصر الى متحف وطني يزوره التونسيون لاستحضار جرائم المخلوع ونظامه السابق حتى لا يطلع علينا مرتزقة آخرون ليتفاخروا بانتمائهم الى هذا النظام الاجرامي ولإلجام.. مزوّري التاريخ الذين يحلو لهم المقارنة فيه بين حكم الترويكا وبين حكم الاجرام النوفمبري: لا يمكن ان يرتدي فلول المخلوع ثياب المنقذين
للتواصل والتفاعل معنا:
البريد الالكتروني kimo-presse@hotmail.fr الهاتف 587 636 98
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.