ورقات تونسية ـ كتب حكيم غانمي:
عفوا أيها القاضي المتكلم بعفوية مطلقة ومطلوبة بلا شك.. وبأسلوب المتمكن من المعرفة بالقانون.. ومن واقع يمر به القضاء التونسي في إطار تسيب عام تعيشه بلادنا.. عفوا سيادة القاضي المتكلم من أعماقه بلا خلفيات ودون حسابات محسوبة سلفا كما شعرت بالرغم من عدم معرفتي بشخصك.. أشاطرك الرأي فيما صرحت به.. ولا أختلف معك البتة فيما قلت.. لكن.. عفوا أيها القاضي الكاشف علنا لموقف الملايين يتفقون فيه معك تشخيصا للحقيقة.. أختلف معك إلا فيما يخص قولك حرفيا: "علاش الناس اللي اكتشفت جرائم ما تمتشيش تشكي..؟؟.. علاش تتكلم في التراكن..؟؟.. خاطر ما عندهاش الحجة والبرهان.."..
بهذه العبارات المحسوبة جدا أشكر القاضي الدكتور معز بن فرج رئيس جمعية المنتدى القضائي للعدالة والامن والقانون الذي أطل علينا عبر البرنامج الحواري "ولكم سديد النظر" بالتلفزة الوطنية تونس 1 الذي بث مسجلا في موعد سهرة الجمعة 11 ديسمبر 2015.. وكان تصريح الدكتور القاضي بن فرج حول موضوع "منطومة الفساد الاداري والسياسي في تونس".. وركز مختلف مداخلته الموجزة جدا حول واقع القطب القضائي.. وكتفاعل مع مداخلة الدكتور معز بن فرج شدّ إنتباهي ما قاله كما أشرت إليه آنقا صلب ورقة اليوم.. التي أعتبرها كتفاعل إيجابي مع الدكتور بن فرج وإن كنت أختلف معه في قوله المنقول حرفيا أعلاه..
ولعلمك يا سيادة القاضي إننا تحوزنا على ملفات فساد إداري ومالي بأكثر من مرفق عمومي كانت بعضها من مكونات شكايات جزائية نشرت من طرف المتضررين أمام مؤسسة النيابة العمومية..
ومع الأسف الشديد إهمالها وربما قبرها كان المصير الواقعي لمآلها.. مما يحدو بي إلى القول دون مخافة لائم.. وبلا حسابات سياسية.. ودون مخاوف من تهديدات جمّة وتضييقات كثيرة أتلقاها جراء مضامين ورقاتي بشكل مباشر أو غير مباشر.. أقولها علنا.. لا فائدة من التشكي حتى وان توفرت الحجج والبراهين..
لأني إكتشفت بأن الارادة السياسية في تونس لم تبلغ بعد مرحلة حماية المبلغ عن الفساد.. ولا ضمانات منتظرة لمن يكشف بالحجة والبرهان موطن الخلل.. ومواطن الوهن في هذا المرفق العمومي أو من ذاك..
فعفوا سيادة القاضي تصريحك الذي كان محل تفاعلي الإيجابي لأخّط ورقة اليوم من وحييه.. فيه جانب كبير من الصحة.. لأنه فعلا يوجد "القيل" و"القال" سرا وربما حتى علنا عن وجود فساد مالي هنا أو هناك.. دونما توفر قائله عن الحجة والبرهان..
وعفوا يا دكتور أختلف معك في الجانب الأكبر من هذه النقطة.. مع إصداعي بحقيقة أن كل مستهدف بمقال ما أو بشكاية ما.. إلا ويسارع بعكس الهجوم بشكاية مضادة.. موضوعها نسبة أمور لموظف عمومي دون الادلاء بصحة ذلك.. وغيرها أنت أعلم به مني.. وإن كان حق التشكي مضمون لكل فرد وهيئة من المجتمع التونسي..
وهي مناسبة لأشكرك أيها القاضي المتكلم بأسلوب بسيط جدا.. يفهمه الجميع.. وبخاصة من خلال تمسكك باللهجة "الدارجة" التي كم زادت لعباراتك رونقها العذب وهي الواصلة ال المتقبل بمنتهى سهولة الفهم.. وأحييك يا دكتور لأنك تكلمت بلغة.. بل بلهجتنا التونسية التي كم نعشقها كلنا.. وكانت كافية لإبلاغ موقفك.. ذا الذي كان منطلقا لتفاعلي مع جانب منه.. ودليلي ورقة اليوم.. ذي التي أخلص فيها إلى القول بأنه لا فائدة من أن نبلغ عن جرائم المرفق العام.. إدارية كانت أو مالية.. لأنه مع الأسف الشديد حتى وإن توفت الحجج والباهين والأدلة.. فإن مآل مقالاتنا المحاكمات.. ومآل الشكايات الجزائية القبر أو الإهمال الى ما يطول مداه.. ومع ذلك تبقى تونس بلدنا الأحب إلينا من كل بلد سواها.. وتبقى تونس تزخر بالصادقين مهما حصل.. ومهما تباعدت إختلافاتنا جميعا.. فإن الإختلاف في الرأي لا.. ولن يفسد للود قضية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.