الجدل فرض نفسه بإلحاح:
ما مدى سلامة وصحة إجراءات الشفعة.. بعد إنسحاب سالمة وتمسك العفيف..؟؟..
ورقـات تـونـسـيـة ـ كـتـب حـكـيـم غـانـمـي:
من حق المتقاضين توفر ترسانة قانونية وتشريعية تضمن لهم حقوقهم بتونس.. ومن حقهم أيضا أن تتوفر مختلف محاكم جهات البلاد على اختلاف درجاتها وبتنوع مجالات إختصاصاتها على قضاة من ذوي الكفاءة والخبرة بما يمكنهم من التقليل من فرص الأحكام والقرارات الخاطئة والتي عادة ما تنقض في الطور القضائي الموالي.. ومن حق القضاة أيضا أن تتوفر لهم ظروف عمل لائقة عكس ما هو بات ميزة بمختلف محاكم بلادنا ككثافة الملفات المعروضة عليها أمام قلة عدد قضاتها الذين ماتزال أقدارهم مصرة على تقاسم مكاتب العمل لقلتها.. وهو ما يطرح مشكلة مقرات المحاكم التي ماتزال نقطة سوداء في تاريخ البلاد.. وأصرّ على أنها سوداء.. وكـفـى..
والحقيقة التي يجب أن تقال هو أن مثل تلك الوقائع لا يمكن إطلاقا أن تكون سببا في ضياع حقوق المتقاضين.. خاصة إذا ما تعلق الأمر بحقوق عينية يمكن أن تضيع من أصحابها بحكم عدم فهم جيد للقانون.. أو ربما لتشابك الأمور أمام قضاة الدائرة المتعهدة.. ذلك أن القضاء يبقى الملاذ الأخير لمن أوشكت حقوقهم على الضياع.. وفعلا تبلغ مرحلة الضياع إذا ما كان الحكم قد بني على تأويل بلا جدال فيه إجتهاد للقضاة.. ومع ذلك قد يكون مخالفا للقانون.. وهو ما يبقى الأمل للمتقاضين في طرق الطعن القانونية المنصوص والمتعارف عليها.. وهذا التعبير لا يعني البتة التشكيك في نزاهة القضاة بقدر ما يكون إطارا إلى دعوتهم إلى التمعن جيدا في مختلف جوانب الملفات المعروضة أماهم.. لأنهم خليفة الله عزّ وجل في تحقيق العدل والإنصاف في هذه الدنيا الفانية..
ومن خلال ورقة اليوم ننشر نسخة من رسالة عن طريق البريد السريع وجهها أحد المتقاضين الى وزير العدل.. من خلالها يرنو أن يحظى ملف قضيته المدنية برقابة قضائية بعدما صدر فيها الحكم الابتدائي.. والذي من خلاله شعر المتقاضي بأن الحكم الابتدائي حامت حوله بعض الاخلالات الخطيرة التي أثرت على عدم نيله لحقه في هذا الطور الحكمي.. ولئن ننشر هذه الرسالة فإننا على يقين بأن المعني من حقه أن يطالب بذلك.. باعتبار أنه من حقه أن يكون مظمئنا للمحكمة ومرتاحا لقراراتها.. بقي من الواجب تنبيه إلى أن محكمة الدرجة الثانية وبها نعني الاستئناف ستكون بلا شك ذات رأي.. قد يجاري ما ورد بالحكم المطعون فيه.. كما قد تعدله.. وهذا نص الرسالة:
الـسـيـد وزيـــر الــعــدل
@@@@@
الموضوع: حول طلب رقابة قضائية لملف قضية مدنية ـ إستحقاقية.
ـ الـمـرجـع: القضية عدد 4771 وتاريخ الحكم فيها 03 نوفمبر 2016.
ـ المصاحيب: نسخة من ب ت و ـ نسخة من حكم ـ نسخة من قرار شرح ـ نسخة من تقريرين.
@@@@@
العارض: وليد.
@@@@@
تـحـيـة طـيـبـة وبعــد،
يــشــرفــنــي بصفتي من ضمن أطراف القضية ذات المرجع أعلاه مراسلة سيادتكم، راجيا الإذن لمصالح التفقدية العامة بوزارة العدل بتسليط رقابة قضائية وإدارية على ملف القضية ذاتها، وذلك لاعتبارات موضوعية ومنطقية مفادها أن الضد العفيف مصباحي وبحكم عمله كإطار جهوي بولاية سيدي بوزيد يتباهى بعلاقاته الوطيدة ببعض القضاة من المباشرين بمرفق العدالة بالجهة، الشيئ الذي لم يبعث في نفسي الطمأنينة لما أصدرته المحكمة المختصة بتا في القضية ذات المرجع أعلاه.
وحــيــث أنه لا يمكن لي إثبات ذلك، فإني كمتقاض أصبحت غير مطمئن على ضمان السير الطبيعي والعادي لمسار تلك القضية، وهذا لا يعني البتة تجريحي في السادة قضاة المحكمة بحكم أنه لا مشكلة لي معهم ولا أشكك في نزاهتهم ولا في حيادهم، وككل قرار قضائي يبقى متأرجحا بين الخطأ والصواب كما هو معلوم ومن البديهي جدا.
وحــيــث أنه أمام انعدام توفر مقتضيات وموجبات الاستجلاب لملف هذه القضية، وأملا في أن أكون مطمئنا لقرارات المحكمة المختصة حيال حكمها في ملف تلك القضية، وتجنبا لما من شأنه أن يبقيني غير مطمئن لقرار المحكمة بتا في ملف القضية ذات المرجع أعلاه، وأمام شعوري بأن الحكم الابتدائي في تلك القضية ذاتها والذي هو الآن قيد الطور الاستئنافي، كان مخالفا للقانون لما قضى ابتدائيا بصحة إجراءات الشفعة لأسباب سأبينها لاحقا، فإني ألتمس أن يحظى ملفي هذا برقابة قضائية تحقيقا للإنصاف والعدل.
ـ 1ـ مـن حـيـث الـشـكـل:
الملفت للانتباه أن قرار الشرح المرفق لاحقا بنص الحكم الأصلي في قضية الحال، ورد دون وجاهة منطقية وبلا موجبات قانونية، علاوة على كونه كان منقوصا لشكليات ضرورة أنها لا تسقط منه، وهي التالية:
ـ لم تذكر الدائرة الحكمية في قرار شرحها المردف لاحقا بنص الحكم الأصلي من تقدم بمطلب الشرح، إذ اكتفت بذكر مقدمه الأستاذ فوزي عمارة دون بيان اسم موكله، ناهيك وأن في ملف قضية الحال عدة أطراف.
ـ لم تذكر الدائرة الحكمية في قرار شرحها المردف لاحقا بنص الحكم الأصلي من تقدم بمطلب الشرح، إذ اكتفت بذكر مقدمه الأستاذ فوزي عمارة دون بيان اسم موكله، ناهيك وأن في ملف قضية الحال عدة أطراف.
ـ لم تبين الدائرة الحكمية تاريخ تقديم مطلب الشرح، كما أنها تغافلت عن ذكر تاريخ البت في ذلك المطلب الذي أفضى الى إقرارها في جلسة بحجرة الشورى بإصدار قرار شرح والذي أصبح متمما للحكم الأصلي الصادر بتاريخ 03 نوفمبر 2016.
وحــيــث أن ذلك قرار شرح على تلك الشاكلة أصبح موجبا للشك، بما جعلني أطرح أسئلة عديدة، لعل أهمها ما سبب إصدار قرار شرح كإحدى أنواع الأحكام دونما احترام مثل تلك التنصيصات القانونية؟؟.. وما الجدوى من مثل ذلك السهو الذي تداركته الدائرة الحكمية بقرار شرح جاء هو الآخر دون بيان لما أسلفته ذكره؟؟.. وأية قيمة قانونية لقرار شرح كان لغاية تجاوز بعض السهو، ليصبح منطلقا لسهو آخر؟؟..
ـ2ـ مـن حـيـث الأصــل:
وحــيــث أن محكمة الدرجة الأولى أخطأت حينما قضت بصحة إجراءات الشفعة، وهو ما يدفع الى التسليم قولا بأنها ناقضت نفسها حينما قضت بسلامة وصحة إجراءات الشفعة، والدليل أنها حيّثت حكمها ذلك بإستنادها الى الفصول 103 و 111 و 115 من مجلة الحقوق العينية، غير آخذة بعين الاعتبار من شرح وبيان قانونين كما جاء بتقارير الدفاع الذي وكلت للذود عن حقي كمتقاض في ملف قضية الحال.
وحــيــث أن المحكمة قضت بصحة إجراءات الشفعة وكان حكمها في غير طريقه الى الصواب وفي ذلك خرق للقانون، مع التأكيد على أن ملف قضية الحال كان في الآجال القانونية ومستجيبا لكل الشروط القانونية بما لا يختلف فيه إثنان، باعتبار أن القائم بالدعوى موضوع قضية الحال هما سالمة والعفيف وذلك بتاريخ 20 نوفمبر 2014.
وحــيــث أنه بتراجع المدعية سالمة وقرارها بالانسحاب رسميا من مواصلة دعواها ومن خلال إذن المحكمة للمدعي العفيف بموجب حكم تحضيري في جلسة يوم 25 فيفري 2016 بتأمين مناب المنسحبة سالمة غانمية باعتبارها قائمة معه لدعوى الحال، يعتبر خرقا واضحا للقانون، بما يجعل حينئذ عدم سلامة وعدم صحة الاجراءات الخاصة بالشفعة، وفي ذلك خرق واضح للقانون وبخاصة للفصول 103 و 111 و 115 من مجلة الحقوق العينية كما هو مفسر كالتالي:
ـ خــرق الـفـصـل 103 م.ح.ع:
وحــيــث أن الفصل 103 م.ح.ع نصّ على أن: "الشفعة حلول الشريك محل المشتري في التملك بمبيع شريكه في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها ".
وعليه فان خروج المدعية سالمة وسحب منابها من المال المؤمن منها ومن شريكها في الدعوى العفيف دفع بالمحكمة الى إحلال الأخير محل المدعية المنسحبة ليؤمن من جديد مناب سالمة وذلك بعد فوات الأجل المنصوص عليه قانونا، وهو ما بينه لسان الدفاع عني في قضية الحال.
ـ خــرق الـفـصـل 111 م.ح.ع:
وحــيــث ان الفصل 111 نــصّ بصريح العبارة على ما يلي: "على القائم بالشفعة أن يقدم دعواه مصحوبة بما يفيد أنه عرض على المشتري كامل ثمن المبيع ومصاريف العقد أو أنه عند امتناع المشفوع عليه أمن ذلك بصندوق الأمائن والودائع ولا يتوقف هذا التأمين على إذن المحكمة. وكل شرط يرمي إلى جعل الثمن مجهولا يعد لاغيا".
وحــيــث يستشف من منطوق هذا الفصل أن إذن المحكمة للمدع العفيف مصباحي بتأمين مناب سالمة بعد فوات الآجال القانونية المعمول بها في الشفعة، يعتبر خرقا للقانون إذ ان تأمين مناب المدعية سالمة بعد انسحابها وتراجعها عن التقاضي، من لدن المدعي عفيف المصباحي كان بإذن من المحكمة وبعد أكثر من سنة من نشر قضية الحال، وهو ما يجعل بإحلال المدعي العفيف محل المدعية المنسحبة سالمة كان خارج الآجال المطلوبة، علاوة على أنه كان بإذن من المحكمة خلال السير الطبيعي للقضية.
ـ خــرق الـفـصـل 115 م.ح.ع:
وحــيــث أن الفصل 115 م.ح. ع نصّ على: "يجب على المشتري إعلام الشفيع بالشراء بواسطة عدل تنفيذ مع بيان الثمن والمصاريف. ويسقط حق القيام بدعوى الشفعة بعد مضي شهر من تاريخ محضر إعلامه. وفي صورة تعّذر الإعلام فإن القيام بدعوى الشفعة يسقط بمضي ستة أشهر من يوم ترسيم العقد بالسجل العقاري بالنسبة للعقارات المسجلة الخاضعة للمفعول المنشئ للترسيم ومن يوم تسجيل العقد بالقباضة المالية بالنسبة للعقارات المسجلة غير الخاضعة للمفعول المنشئ للترسيم أو العقارات غير المسجلة.".
وحــيــث أن منطوق هذا الفصل أشار صراحة الى أنه يسقط حق القيام بدعوى الشفعة بعد مضي شهر من تاريخ محضر إعلامه. وهي حجة قانونية كافية للدلالة على أن المحكمة أخطأت التقدير لما قضت بصحة وسلامة الإجراءات الخاصة بالشفعة في قضية الحال، وبخاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مظروفات ملف قضية الحال، والأهم إذا ما علمنا أن المدعي العفيف أمــّـن مناب سالمة بعد أكثر من سنة من تاريخ محضر الإعلام وعرض المال كما هو ثابت بملف قضية الحال.
هــضــم حــق الــدفــاع:
وحــيــث أن تقارير الدفاع المقدمة للمحكمة كانت متناولة لسرد الوقائع وتعزيزها بنصوص القانون وفقه القضاء، مبرزة للمحكمة أنه بإنسحاب المدعية سالمة وإحلال محلها شريكها المدعي الثاني العفيف خارج الآجال القانونية، والمخالفة لأحكام الفصول 103 و 111 و 115 من مجلة الحقوق العينية، يبقى حجة على أن المحكمة أخطأت التقدير الجيد حينما قضت بسلامة وصحة إجراءات الشفعة.
وحــيــث أن هضم حق الدفاع وعدم الاستئناس بما قدم من نقاش وتحليل قانونين صلب قضية الحال، يمكن لي تفسيره بحصول قناعة لي كمتقاض بأن ذلك القرار يمس من حقوقي المكتسبة، وبالتالي بات من حقي عدم الاطمئنان إلى السير العادي والطبيعي لمسار قضية الحال، التي لم أجد غير استئنافها، ولم أرى سبيلا لطمأنة خواطري ونفسي إلا مكاتبة سيادتكم عسى أن يحظى ملف قضية الحال برقابة إدارية وقضائية، وبخاصة أمام عدم توفر موجبات إستجلاب ملفها.
لذا المرجو من الجناب:
خـصّ ملف قضية الحال برقابة إدارية وقضائية، مع الاستئناس بما أوردت صلب مراسلتي الإدارية هذه. وختاما لسيادتكم سديد النظر، وتقبلوا منتهى تقديري وعميق إحترامي والـــســــلام.
العارض: وليد
- للتواصل والتفاعل معنا ـ
- البريد الالكتروني: kimo-presse@hotmail.fr - الهاتف -98636587-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.