عاش من عرف قدره.. ولا مكانة في قلوب عامة الشعب التونسي من يحسن الإبحار في عالم السياسة لا لخدمتهم بل لغرض تحقيق مآرب شخصية كما نعلمها جميعا.. بهذه العبارة الموجزة أرد على بيان أصدره مؤخرا رجل الأعمال التونسي - الفرنسي محمد العياشي العجرودي الذي مني بفشل ذريع.. وكان ذا الفشل ذريعا بامتياز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. وبحكم أني من بين مكونات الرأي العام التونسي "غصبا عمن لا يريد أن أكون" كنت من بين من إستهدفوا ببيان العجرودي الذي فيه قرار بإعتزاله الحياة السياسية بتونس.. دونما نسيان أن ذات البيان لم يخلو من مواطن مغالطات كثيرة أوردها العجرودي..
أرد بصفتي تلك من خلال عبارات أسعى أن تكون فهما في متناول صاحب البيان محمد العياشي العجرودي.. تواضعا مني وبمنتهى الغرور أيضا.. عسى أن يفهم الرجل مضمون ورقة اليوم..
أرد بصفتي تلك من خلال عبارات أسعى أن تكون فهما في متناول صاحب البيان محمد العياشي العجرودي.. تواضعا مني وبمنتهى الغرور أيضا.. عسى أن يفهم الرجل مضمون ورقة اليوم..
ففي مقدمة البيان الموّجه مؤخرا إلى الرأي العام التونسي كتب محمد العياشي العجرودي حرفيا "تلبية مني لنداء الوطن وتحملا مني للمسولية وإحساسا مني بالواجب تجاه تونس لم أدخر جهدا أو أدخر وسعا على مدار السنوات الأخيرة وكنت دائما مجندا للمساهمة في إخراج البلاد من الأزمات السياسية والإقتصادية التي مرت بها وسعيت جاهدا إلي إيصال تونس إلي بر الأمان وإلي الحفاظ علي أمنها واستقرارها وعزتها..".. ومن هنا وجب التنبيه إلى أن تونس بريئة مما قدمته لها أيها العجرودي.. لأن البطالة في إرتفاع.. ومناسبات الزيادة في أسعار المواد الأساسية تتهاطل دون توقف.. وكثرة تكالب الحكومات على الزيادة في الضرائب من كل حدب وصوب بلا توقف.. هذه عينة بسيطة من الجانب الاقتصادي لتونس خلال الفترة التي ذكرت ببيانك الذي فعلا كم أضحكني وزاد نشوتي آنى إطلاعي عليه..
أمّا الجانب السياسي لتونس يا المسمى محمد العياشي العجرودي.. فلعله ان أسوأ المراحل التاريخية لتونس سياسيا هي تلك التي إليها أشار في بيانه من حيث مقدمته.. والمجال لا يسمح بتعدادها.. وهو ما حدا بي الى لومه علنيا بأنه كان عيبا عليه أن يغالطني بصفتي من بين مكونات الرأي العام التونسي ممن وجه له بيانه المضحك والوصف لي.. بشكل علني ولا سري.. أيضا ما أعيبه عليه أن ينصّب نفسه مكان من كانت مواقفهم السياسية واضحة وضوح الشمس.. مما كان سببا في تصفيتهم جسديا.. وعلني أكتفي بذكر الشهيدين شكري بلعيد ومحمد الابراهمي.. وهما وكأمثالهما من الوطنيين بحق كثر ممن فعلا أوصلوا البلاد الى ما نسبه العجرودي لنفسه.. أكتفي بهذا كإشارة خاطفة للدلالة على كونه كان مجانبا للصواب فيما تضمنه بيانه..
ذا البيان الذي كتب فيه حرفيا: "قدمت ملفات كاملة عن مشاريع مدروسة وعملاقة مع التأكيد علي جاهزية تمويلها إلي جميع الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة و حتي اليوم لم أتلق رد أو تفاعل جدي من الجهات المعنية.. بعد كل هذا و بكل أسف ما أراه اليوم من تكالب علي السلطة و جري وراء الكرسي ليس من شأنه أن يساعد البلاد علي توفير مطالب شعبها و علي رأسهم الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية و جميعكم يري ما تقوم به الأحزاب التي سبقت المصلحة الشخصية والحزبية علي المصلحة العامة و أصبحت المصالح الضيقة هي التي تطغي على سلوكيات وتصرّفات الأغلبية الساحقة من السياسيين في تونس.."..
ومن هنا نستشف شخصيا أن المدعو محمد العياشي العجرودي ظهر للرأي العام بجلباب المتميز والفريد موقفا وعصرا.. وهو اعتراف فاضح وصريح منه بأنه دخل السياسة ببرمجة لا يعلم نتائجها الا الله.. وهو ما جعل بالمعنيين التصدي لها وفق ما ورد بذات البيان.. والدليل أن الرجل لم يكن فعلا من المسكونين بالنضالات من أجل البلاد والعباد.. خيّر الانسحاب لمجرد أن برامجه لم تحظى بالقبول.. وليس في اشارتي هذه تجريد بل وليس اتهام مني للرجل بأنه لا يحب تونس أو شعبها.. وإنما هو خيار منه.. خاصة وأنه إنسحب لمجرد عدم نجاحه في بلوغ مراده.. والدليل ما ختم به بيانه حرفيا: "لجميع هذه الأسباب و بعد تفكير عميق قررت الإنسحاب و الإستقالة من حركة التونسي و الإبتعاد حاليا عن الحياة السياسية التونسية لكي لا أكون شاهد زور ولكي لا يتم توريطي بصفة مباشرة أو غير مباشرة في المؤامرات التي تحاك ضد تونس وشعبها.. لم أخن يوما الأمانة و الله شاهد علي ذلك.."..
ومن خلال ما ورد ببيان العجرودي وجب التنبيه إلى خطورة ما صرّح به الرجل من القول بأنه ثمّة "مؤمرات تحاك ضد تونس".. وهو تصريح بسيط كتابة وصياغة.. إلا أنه يحمل من الغموض الشيئ الكبير والمخاطر الجمّة.. مما اصبح واجبا على ممثل مؤسسة النيابة العمومية التونسية أن تسارع بفتح ما يلزم من تحقيقات للوقوف عن خفايا ما خلص إليه محمد العياشي العجرودي في بيانه هذا.. سيما وأن كتب ما فعل.. والاكيد ان ذلك ليس من فراغ.. وفي كلمة أحترم الرجل لأنه أعلن عن إنسحابه بعدما كان الفشل الذريع حليفه كما حليف برامجه السياسية.. وعاش من عرف قدره.. ولا عاش في تونس من خانها..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.