بحث في الأرشيف

الخميس، 4 أبريل 2013

متابعات: المرصد التونسي لاستقلال القضاء يصدر تقـريـره حـول "مشـروع القـانـون الأساسـي المتعـلق بإحـداث هيـئـة وقـتـيـة للإشـراف على القـضـاء العـدلــي"..


تقـريـر حـول مشـروع القـانـون الأساسـي المتعـلق بإحـداث هيـئـة وقـتـيـة للإشـراف على القـضـاء العـدلــي المقـتـرح من لجنـة التشـريـع العـام بالمجـلس الوطـنـي التـأسيسـي..

ورقات تونسية - بلاغات / بيانات:
 إن المرصد التونسي لاستقلال القضاء:
- بعد إطلاعه على تقرير لجنة التشريع العام بالمجلس الوطني التأسيسي حول قانون أساسي يتعلق بإحداث هيئة وقتية للإشراف على القضاء العدلي المؤرخ في 21 مارس 2013 والذي تضمن موافقة اللجنة على مشروع القانون الملحق بالتقرير بتوافق اعضائها وإحالة النقاط الخلافية على الجلسة العامة.
- وبعد اطلاعه على مختلف المواقف والملحوظات الصادرة بشأن مشروع القانون الاساسي المذكور والتداعيات المترتبة خصوصا عن المقترح المتعلق بتركيبة الهيئة الاصلية او تركيبتها عند النظر في الملفات التأديبية.
- وإذ يذكّر بأن المشروع الحالي قد تم اعداده على أنقاض مشروع سابق اقترحته اللجنة المذكورة خلال شهر جويلية 2012 الا ان التوجهات المتعارضة بين اعضاء المجلس الوطني التأسيسي التي آلت الى تجاذبات سياسية بين الفرقاء قد أدت الى اجهاض المشروع السابق بالجلسة العامة يوم 2 أوت 2012 على خلفية النزاع في اقرار الاستقلالية الادارية والمالية للهيئة المقترحة.
- واذ يلاحظ ان عرض المشروع الحالي على الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي المعينة ليوم 4 أفريل 2013 قد جاء بعد أكثر من عام وثلاثة أشهر من اقرار الفصل 22 من القانون التأسيسي المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي اقتضى انشاء هيئة وقتية للقضاء العدلي يتولى المجلس التأسيسي تحديد تركيبتها وصلاحياتها وآليات تكوينها.
- وإذ ينبه الى ضرورة اقرار تلك الهيئة باعتبارها استحقاقا دستوريا لا محيد عليه واستنادا الى ما يشهده الوضع القضائي بعد الثورة من فراغ وتدهور عملت الحكومات المتعاقبة على تجميده وتأجيل اصلاحه اضافة الى اخفاق المجلس الوطني التأسيسي في انجاز ما تضمنه الفصل 22 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية من برنامج لإصلاح المنظومة القضائية.
- وإذ يبرز ان المشروع الجديد قد تضمن عددا من الاحكام الايجابية أهمها تمتيع الهيئة بالاستقلالية الإدارية والمالية والشخصية المعنوية (الفصلان 1 و 2) وتخصيصها بالنظر في كامل المسار المهني للقضاة من تسمية وترقية ونقلة وتأديب (الفصل 3) وإقرار الحق في التظلم أمام الهيئة والطعن لدى المحكمة الإدارية بخصوص قراراتها (الفصل4) والتوجه الى اضفاء النزاهة والاستقلالية على الترشحات لعضوية الهيئة وذلك بالتنصيص على عدد من موانع الترشح لكل قاض ناشد الرئيس السابق أو مجّده او دافع عن نظامه او شارك في محاكمات الرأي والحريات او كان عضوا بالمجالس العليا للقضاء السابقة (الفصل 9) والتنصيص على اعتماد المعايير الدولية لاستقلال القضاء في دراسة الهيئة لطلبات تعيين القضاة ونقلتهم وإقرار مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه ولو أدى الأمر الى ترقيته او تسميته في خطة وظيفية (الفصل 12) اضافة الى الاخذ بالرأي المطابق للهيئة في ترقية القضاة ونقلتهم (الفصل 14) الخ...
وان المرصد التونسي لاستقلال القضاء - مساهمة منه في السعي الى تطابق مشروع القانون مع مقتضيات النزاهة والاستقلالية والمعايير الدولية - يبدي الملاحظات الأساسية التالية:
 أولا ـ تكوين الهيئة :
من الملاحظ أن عضوية المجالس أو الهيئات القضائية تتغير من دولة الى اخرى ويوجد اتفاق دولى على وجوب تمتعها بقاعدة واسعة من الاعضاء تضم اغلبية من القضاة، ويظهر ان النماذج الاكثر نجاحا هي التي تجمع بين القضاة أو العاملين في الدولة والمجتمع المدني وتحال اليها صلاحيات واسعة كافية لدعم استقلال القضاء ومساءلة اعضاء السلطة القضائية.
ورغم ما نصّ عليه المشروع من أن الهيئة مختلطة وتضم أغلبية من القضاة الا ان القضاة المنتخبين لا يتجاوزون النصف واضافة لذلك يبرز تكوين الهيئة المقترح في المشروع وجود تأثيرات مخلة باستقلالها على الاقل فيما يتعلق بتركيبتها ونظام انتخابها.  
1.تركيبة الهيئة : 
نص الفصل 6 من المشروع على أن الهيئة تتكون من خمسة قضاة معينين بالصفة ومن عشرة قضاة منتخبين ومن خمسة أعضاء من غير القضاة، ومن الواضح ان هذه الصبغة المختلطة في تركيبة الهيئة لا تؤدي بالضرورة إلى ضمان استقلاليتها وذلك لاسباب عدة.. من ذلك:
أن تركيبة الهيئة لا تقتضي وجود أغلبية من القضاة المنتخبين. 
أن السلطة التشريعية تتدخل مباشرة في تكوين الهيئة باعتبارها تتضمن عضوين من المجلس الوطني التأسيسي من لجنة القضاء العدلي التأسيسية.
أن السلطة التنفيذية تتدخل بدورها في تكوين الهيئة من خلال تعيين رئيس الجمهورية لأحد الأساتذة الجامعيين دون بيان اختصاصه في القانون وتعيين رئيس الحكومة لناشط حقوقي من المجتمع المدني وكذلك من خلال القضاة المعينين بصفاتهم وعددهم خمسة طالما أن الفصل 7 مكرر من القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 المتعلق بنظام القضاء والمجلس الاعلى للقضاء والقانون الاساسي للقضاة الذي لازال ساريا يقتضي أن يتم تعيين أولئك القضاة مباشرة من السلطة التنفيذية ولا دور للهيئة في تسميتهم أو اقتراحها.
أن تركيبة الهيئة يغلب عليها عند انتصابها في المادة التأديبية الأعضاء المعينون مقارنة بعدد القضاة المنتخبين (4 قضاة معينين بصفاتهم وناشط حقوقي من المجتمع المدني مقابل 3 قضاة منتخبين).
 ومن الواضح ان هذا التدخل للسلطتين التشريعية والتنفيذية في اختيار بعض أعضاء الهيئة يفتح الباب لتسييسها والإخلال باستقلاليتها.
وفي هذا السياق توجب المعايير الدولية وبهدف تفادي تسييس الهيئة وانتهاك استقلالها ان يكون اختيار الاعضاء من غير القضاة موضوعيا وشفافا وان يتم التنصيص على استعانة السلطة التنفيذية او التشريعية بجهات اخرى منتخبة تساهم في تعيين جميع الاعضاء او تقوم بتعيين بعضهم.
كما تقتضي المعايير الدولية استبعاد الاعضاء من غير القضاة من المشاركة في الاجراءات التأديبية أو اعطاء صلاحيات التحقيق مع القضاة ومعاقبتهم لأعضاء مرتبطين بالسلطة التنفيذية أو معينين من قبلها.
2. النظام الإنتخابي : 
يتبين أن الاختيارات الواردة بالمشروع في هذا الخصوص من شأنها التأثير على استقلالية الهيئة وتمثيليتها على الاقل في نقطتين:
أولاهما احالة ما يتعلق بتنظيم انتخابات الهيئة والإشراف عليها ومراقبتها الى لجنة وصفت بالمستقلة تتركب من 15 عضوا من نواب المجلس التأسيسي ومن القضاة يتم اختيارهم من قبل مكتب المجلس الوطني التأسيسي من المترشحين الراغبين في ذلك (الفصل 7) دون ان يحدد المشروع صفة رئيس اللجنة ومقررها أو يشترط أن يكون أحدهما من صنف القضاة.
 ولا شك أن احالة الاختصاص للسلطة التشريعية - حتى وان كانت تأسيسية -  للاشراف على انتخاب ممثلين لسلطة اخرى هي السلطة القضائية  يتنافى مع مبدأ التفريق بين السلط اضافة الى ما يؤدي اليه ذلك من وجود تأثيرات مباشرة على نزاهة العملية الانتخابية وحيادها.
وبناء على ذلك فلا شيء يبرر التخلي عن اختصاص السلطة القضائية ممثلة في اعضائها للاشراف على انتخابات داخلية تتعلق بهيئة ذات صبغة قضائية يمكن اجراؤها في يوم واحد وبدعوة من الرئيس الاول لمحكمة التعقيب وبواسطة لجنة يتم انتخابها مباشرة من عموم القضاة.
ثانيهما الاعتماد على انتخابات متعددة وطبق الرتب القضائية لنصف أعضاء الهيئة وذلك بتنصيص المشروع على أن ينتخب القضاة أعضاء الهيئة كل حسب الرتبة التي ينتمي اليها انتخابا حرا ومباشرا وفي دورة انتخابية واحدة (الفصل 11). وأن تتركب الهيئة من أربعة قضاة منتخبين عن الرتبة الأولى وثلاثة قضاة منتخبين عن الرتبة الثانية وثلاثة قضاة منتخبين عن الرتبة الثالثة (الفصل 6). اضافة الى ما يشترطه المشروع من أن اللجنة المشرفة على الانتخابات يجب ان تضم تسعة قضاة بحساب ثلاثة عن كل رتبة (الفصل 7 ). ويكون المشروع قد حافظ  بذلك على التراتبية التي حكمت القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 الموروث عن النظام البائد. وهذه التراتبية ولئن كانت مبررة في تصنيف الأعضاء إلا أنها غير مبررة من زاوية القاعدة الإنتخابية. فطالما كان لجميع القضاة المنتخبين مبدئيا نفس الدور داخل الهيئة ، فإن ذلك يقتضي أن يتم انتخابهم جميعا من كافة القضاة لا أن يتم انتخاب ممثلي رتبة معينة من قضاة تلك الرتبة. 
 ثانيا ـ صلاحيات الهيئة :
أسند المشروع للهيئة عددا من الصلاحيات، وهي على صنفين: 
الأولى تقريرية وتهم المسار المهني للقضاة من تسمية وترقية ونقلة وتأديب وإحالة على التقاعد الوجوبي ورفع الحصانة والنظر في مطالب الإستقالة. 
الثانية ذات صبغة استشارية بالنظر الى ان الهيئة تبدي بعض الآراء في مشاريع القوانين المتعلقة بسير العمل القضائي وأساليب إصلاح منظومة القضاء العدلي، كما لها أن تقدم تلقائيا الاقتراحات والتوصيات التي من شأنها تطوير العمل القضائي.
ويمكن في هذا الخصوص أن نلاحظ اغفال المشروع لصلاحيات أساسية لهذه الهيئة من ذلك:
- مراجعة التسميات القضائية الحاصلة بعد 14 جانفي 2011 وذلك اعتبارا للاشكالات المتعددة التى تعلقت بها وضرورة أن تكون الهيئة الوقتية هي الإطار الطبيعي لمراجعة تلك التسميات. غير أن المشروع تعامل بصفة جزئية مع هذه المسألة واكتفى بضرورة عرض التعيينات والنقل المتخذة بموجب مذكرات عمل من وزير العدل بداية من 14 جانفي 2011 على الهيئة.
مراجعة قرارات الإعفاء الصادرة في حق بعض القضاة وذلك اعتبارا للانتقادات الكثيرة التي وجهت لتلك القرارات الصادرة اثر انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وإخلالها بمقتضيات استقلال القضاء وبالمبادئ الدنيا للمحاكمة العادلة.
إحالة الصلاحيات المنصوص عليها بالقانون الاساسي للقضاة المؤرخ في 14 جويلية 1967 المسندة لرئيس الجمهورية ووزير العدل ويشار في هذا الخصوص أن المشروع قد حافظ على الصلاحيات المسندة أساسا لهذا الاخير والمتعلقة بالنقلة والتأديب فيما يمثل تدخلا مباشرا من وزير العدل في القضاء وخرقا للمعايير الدولية في هذا المجال. 
كما أسند المشروع لوزير العدل سلطات واسعة في المادة التأديبية، فجعله يحتكر لوحده سلطة إحالة الملفات التأديبية على الهيئة. 
 ثالثا ـ التوصيـات :
وإن المرصد التونسي لاستقلال القضاء إذ يعرض ملحوظاته بشأن مشروع القانون الاساسي المتعلق بأحداث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي يوصي بما يلي:
* الأخذ بعين الاعتبار النواقص المبينة سابقا.
* إسناد الهيئة الوقتية الصلاحيات المتعلقة بمراجعة التسميات القضائية الحاصلة بعد 14 جانفي 2011  وقرارات الإعفاء.
* امكانية اسناد الهيئة مهمة اعداد تقارير عن وضع القضاء اضافة الى التقرير الدوري المتعلق بسير أعمالها المنصوص عليه بالفصل 5 من المشروع.
* التنصيص على ان يتم انتخاب أعضاء الهيئة من صنف القضاة من كامل الرتب القضائية. 
* سحب موانع الترشح على القضاة المعينين بصفاتهم وأن لا يقتصر الامر على الاعضاء المترشحين للانتخاب.
* التنصيص على ضرورة انتخاب الاعضاء من غير القضاة من قبل هيئات ممثلة ومنتخبة ومن غير السياسيين.
* امكانية ان تضم الهيئة الى عضويتها قاضيا اداريا وقاضيا ماليا..
( أنجز هذا التقرير تحت إشراف الهيئة المديرة للمرصد التونسي لاستقلال القضاء) المقرر: القاضي عبد الفتاح خرشاني عضو المرصد التونسي لاستقلال القضاء
عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء
       الرئيس
 أحمد الرحموني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.