من أروع ما قرأت من تدوينات ومقالات حول مهازل لازمت المشرّع التونسي "الجديد" على حد تعبير السيد عزالدين العبيدي القاضي من الرتبة الثالثة أذكر تدوينته التي نشرها يوم الاربعاء 29 أفريل 2020 بصفحته الخاصة بالفايس بوك والتي عنونها بـ "ملاحظات حول مرسوم المحاكمة عن بعد''.. وفي نظري يعتبر هذا المنشور قراءة ممتازة تنم عن عمق تمكن الرجل من المادة القانونية.. علاوة على حسن ودقة تعابيره التي كشفت فعلا لا منطقية ولا مشروعية ذات المرسوم.. ذا الذي اعتبره مهزلة بحق بالرجوع الى ما بينه القاضي العبيدي.. ومن خلال ورقة اليوم ننشر النص الحرفي لتلك التدوينة التي كانت المقال المهم كشفا لمواطن خلل تبدو مقنعة جدا بالاستناد إلى ما كشفه المقال.. وهي مناسبة مهمة جدا لتعلم الحكومة أن تشريك الكفاءات بات أمرا ملحا وضرورة حتمية.. عسى أن ننقذ البلاد من "حمقات" تشريعية قد تنسف جذور القانون والدستور.. والتي قد تنسف بمقومات المحاكمة العادلة التي ضمنها المشرّع التونسي ''القديم".. طبعا مقارنة بمهازل المشرّع ''الجديد" زمن طغيان فيروس الكورونا.. وهذا نصّ مقال القاضي الفاضل عزالدين العبيدي (حاليا رئيس دائرة بمحكمة الإستئناف بالكاف):
ملاحظات حول مرسوم المحاكمة عن بعد:
مع تجاوز مضمون التفويض
الممنوح لرئيس الحكومة من كونه يتعلق بمكافحة وباء كورونا ،فإن المرسوم الجديد
أرسى قواعد جديدة في الإجراءات بإضافة نص عام هو الفصل 141 مكرر م ا ج، ولا يتعلق
فقط بفترة الحجر الصحي بل يمتد في الزمن بتكريس امكانية إجراء محاكمة عن بعد لمن
هم بحالة إيقاف أو مودعين بالسجن على رأي المشرع الجديد، وكما سبق أن قلت في خصوص
مرسوم الحجر الصحي فإن المشرع الجديد كان قصير أو قاصر النظر عن أصول المحاكمة
الجزائية ويمكن إبداء الملاحظات الاولية التالية:
1/ بدا في ذهن المشرع
الجديد أن المحاكمة الجزائية لمن هم بحالة إيقاف تقتصر على المتهم والنيابة
العمومية والمحكمة، والحقيقة انها اشمل من ذلك والمحاكمة الجزائية فيها أيضا
الشاكي سواء كان قائما بالحق الشخصي ام لا (ويمكن أن يكون قائما على مسؤوليته
الشخصية) وقد اقتضى الفصل 143 م ا ج انه يبتدا بسماع الشاكي أن كان حاضرا ولم يكن
قائما بالحق الشخصي، كما اقتضى الفصل 7 م ا ج أن الدعوى المدنية الناشئة عن جريمة
يمكن القيام بها أمام المحكمة الجزائية وتخضع لنفس إجراءات الدعوى المدنية في حين
لم يتعرض المرسوم الجديد لكيفية ممارسة الدعوى المدنية في صورة المحاكمة عن بعد
ضمانا المحاكمة العادلة التي تنسحب على جميع أطراف الدعوى..
2/ جاء بالمرسوم أن طلب
المحاكمة عن بعد يمكن أن يكون بطلب من النيابة العمومية أو المتهم أو من المحكمة
من تلقاء نفسها في حالات حددها دون تمكين المتضرر من ذلك الحق وأضاف أن قرار إجراء
المحاكمة يجب أن يكون معللا وينهى إلى المتهم أو محاميه ومدير السجن دون أن يشير
إلى وجوب عرضه على النيابة العمومية باعتبارها طرفا أصليا في الدعوى وكذلك القائم
على مسؤوليته الشخصية..
3/ تناسى المشرع الجديد
أن الدعوى العمومية فيها أيضا شهود وخبراء ومسؤول مدني وإجراءات خاصة عند سماعهم من
طرف المحكمة سواء عند حضورهم أو خروجهم والمكافحة بينهم، بل ويمتد الأمر إلى أكثر
من ذلك بخصوص تواجدهم إذ اقتضى المرسوم أن الفضاء السجني امتداد لقاعة الجلسة فهل
يحضر هؤلاء بقاعة المحكمة ام بالفضاء السجني وما الترتيبات اللازمة لذلك..
5/ اقتضى المرسوم الجديد
أنه يجب إنهاء قرار إجراء المحاكمة عن بعد قبل خمسة أيام من الجلسة بما يعني انه
تم إنهاء الإحالة توا طبق الفصل 206 م ا ج الذي يوجب على وكيل الجمهورية إحالة
المتهم توا اذا وافق آليوم جلسة فضلا على انه لن يمكن بعد المرسوم احضار المتهم
لأقرب جلسة احتراما لأجل الخمسة أيام..
6/ جاء بالمرسوم أن
المؤيدات والتقارير تبلغ قبل يوم إلى المحكمة والحال انه يمكن أن يقع الحصول على
مؤيد في آخر لحظة الإسقاط مثلا أو الرجوع في الشكاية..
8/ اقر المرسوم انه
تستأنف الجلسة بعد التوقف أو التأجيل من حيث توقفت ، وإذا كان التأجيل لا يثير
أشكالا كبيرا فإن التعليق يمكن أن يثير أشكالا في خصوص التاريخ المعتبر لصدور
الحكم فهل هو بداية تاريخ الجلسة ام تاريخ التصريح بالحكم اذا امتدت إلى اليوم
الموالي لما لذلك من تأثير على أجال الاستئناف أو التعقيب..
9 / تناسى المشرع الجدبد
انه يمكن أن ترتبط قضية المتهم الموقوف بمتهم آخر أو متهمين بحالة سراح ولم يبين
المشرع أن كان لابد من عرض المحاكمة عن بعد عليهم ام لا..؟؟.. ولا أين يحضرون..؟؟.. وهل يمكن
تخييرهم بين قاعة الجلسة أم الفضاء السجني المخصص؟؟..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.