التمييز الايجابي ومن أجل المناطق الداخلية.. كان قرار التقليص الكبير..
ورقات تونسية ـ كتب حكيم غانمي:
إنتقادات كثيرة كانت من أهم تداعيات قرار وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين والمتعلق بالتقليص أكثر من 1.2 مليون دينار من الميزانية المخصّصة للمركز الثقافي الدولي بالحمامات "دار المتوسط للثقافة والفنون" لسنة 2018.. بينما كانت في حدود 1.97 مليون دينار خلال سنة 2017 ليصبح المبلغ المرصود لهذه المؤسسة الثقافية العمومية في حدود 748 ألف دينار لسنة 2018 والتي خلالها تقرر رسميا في التقليص من الميزانية المخصصة لوزارة الشؤون الثقافية بلتصبح 264.505 مليون دينار بعد أن كانت قيمتها 257.650 مليون دينار سنة 2017.. وستتوزع 190.505 مليون دينار منها على نفقات التصرّف مقابل تخصيص 70 مليون دينار لنفقات التنمية.. فيما تمّ ضبط نفقات صناديق الخزينة بـ 4 ملايين دينار وبذلك تبلغ نسبة الميزانية المخصصة لوزارة الشؤون الثقافية 0.73 بالمائة من الميزانية العامة للدولة لسنة 2018..
ولعل إصرار وزير الشؤون الثقافية في التقليص المهم في ميزانية المركز الثقافي بالحمامات لسنة 2018 يرجع بالأساس الى مزيد تفعيل الحوكمة وحسن التصرف في المال العام تفعيلا لمبادي اللامركزية وللتمييز الايجابي بين مختلف جهات الجمهورية.. ناهيك أن المناطق الداخلية بمختلف تراب بلادنا ماتزال محرومة من الدعم العمومي للمؤسسات الثقافية مما جعل حرمان أهاليها من الحق في الأنشطة الثقافية كواجب دستوري بات محمولا على الدولة.. ولا يخفي علينا أن مهرجانات جهوية ووطنية ومحلية بمختلف ربوع تونس ماتزال تعاني الويلات جراء ضعف دعم وزارة الشؤون الثقافية لها.. طبعا ان لم يكن منعدما في معظمها.. مما جعل ميزانية وزارة الشؤون الثقافية في جانب مهم منها يخصص لمؤسسات ثقافية وتظاهرات جهوية ووطنية ومحلية دون غيرها..
وبالتأمل في الحجم الكبير لميزانية المركز الثقافي الدولي بالحمامات والمقدر بـ 1.97 مليون دينار خلال سنة 2017 يبدو مهما ويستأثر بنصيب مهم جدا من ميزانية الوزارة.. وبالتخفيض فيه سنة 2018 إلى 748 ألف دينار ربما يرجع الى إستفاقة مصالح وزارة الشؤون الثقافية ومعها الحكومة ككل الى ضرورة توزيع جهوي أعدل لميزانية تلك الوزارة.. وبالرغم من أهميته كمؤسسة عمومية للثقافة علاوة على ما دأب عليه من أنشطة وتظاهرات ثقافية لا يستهان بها من مختلف الجوانب.. فإن السياسة الجديدة في القطاع الثقافي في تونس يبدو أنها متجهة الى مزيد العناية بمختلف الجهات والمناطق الداخلية التي حرمت لزمن طويل من الدعم المادي لوزارة الإشراف.. والحقيقة أننا نجد مباني دور الثقافة والمؤسسات الثقافية بلا تجهيزات وأنشطتها تفتقر للدعم المادي.. مما جعل ترسيخ حقيقة حرمان الشباب ومنهم خاصة المبدع في مختلف المجالات الثقافية والإبداعية..
وربما بخلق الأوراق وإعادة ترتيبها من جديد.. قد يكون محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية قد بدأ في تنفيذ سياسة التمييز الايجابي انطلاقا من توزيع ميزانية وزارة إشرافه على ذلك النحو ووفق ذلك التوجه.. وإن إعتبر البعض أن ذاك التخفيض الكبير في ميزانية المركز الثقافي الدولي بالحمامات سيحول دون تنظيم عديد التظاهرات الثقافية الكبرى منها بالخصوص مهرجان الحمامات الدولي الذي يبلغ الصائفة القادمة دورته الرابعة والخمسين.. فإن وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين صرح مؤخرا أن وزارة إشرافه سيتم تدعيم ميزانيتها من خلال مشروع الميزانية التكميلي ومساهمة الحكومة والمؤسسات الخاصة.. وفي ذلك تصريح باطني بامكانية مزيد الترفيع في ميزانية المركز الثقافي الدولي بالحمامات..
ولئن نخصص ورقة اليوم لهذا الموضوع فإنه حري بنا الإشارة الى أنه سبق وأن كتبنا ورقات نقدا لبعض آداء محمد زين العابدين طبعا بوصفه كوزير للشؤون الثقافية.. وبالتالي فإن هذه الورقة تبقى قرأة في التوجه الجديد والواضح لوزارة اشرافه.. وهي سعيها الى توفير موارد مالية من ميزانية الوزارة دعما للعمل الثقافي ومؤسساته بمختلف ربوع الجهات.. وهو ما بات مفروضا على تلك الوزارة والحال أن التوازن بين مختلف الجهات وحرصا على دعم مبدعيها ومؤسسات الدولة التي تعنى بالمجال الثقافي.. علاوة على أننا نعلم جيدا ما تفتقر اليه التظاهرات والانشطة الثقافية بالمناطق الداخلية خاصة من تهميش وقلة دعم حكومي.. وكان لزاما على وزارة الاشراف ان تغامر بمثل تلك القرارات عسى أن تفلح في تحقيق التمييز الايجابي الذي بات مطلبا ملحا با من الواجبات المحمولة على حكومة الوحدة الوطنية.. ونختم بما مفاده أن وجهة النظر هذه قد تخطئ كما قد تثيب.. وذلك قراءة في حدث التنقيص من ميزانية المركز الثقافي الدولي بالحمامات لسنة 2018..
البريد الالكتروني kimo-presse@hotmail.fr الهاتف 98636587
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.