بحث في الأرشيف

الأربعاء، 12 مارس 2014

تحت المجهر:القضاء العسكري يفتقد إلى عادات التسلح بذخائر الجرأة والتطبيق السليم للقانون.. في محاكمته للمدنيين..

القضاء العسكري ليست له القدرة على تطبيق القانون بنسق ممتاز ومطلوب كما يقتضي القانون ومضامين نصوصه الواضحة..
ورقات تونسية - كتب حكيم غانمي:
مهزلة سجلها التاريخ المعاصر بتونس.. مهزلة بلا شك حينما تتمّ إحالتي على القضاء العسكري بتهم مبالغ فيها لا تكشف الا عن انخراط القضاء العسكرية في دوامة "التعليمات السياسية" وفي عالم الأخذ بالخاطر وتكريس المحسوبية وممارسة التمييز بين المواطنيين التونسيين عكس ما انتهى اليه دستورنا القديم وحتى الجديد.. نعم انها مهزلة سجلها تاريخ تونس الحديث وببنوط عريضة..
ولعل أعمق ما فيها أن تحاكمني ادارة القضاء العسكري ومعها انخرطت حكومة بأكملها من أجل حقيقة نشرت.. من وحي اخلالات ادارية بلغتها علنا الى وزير الدغاع الوطني.. لان الطبيب العقيد مدير المستشفى العسكري بقابس كان محل لفت نظر مني الى تقصير مرفقي.. له علاقة بصحة مواطنة مدنية وزوجها عسكري.. تمت احالتي بتهم لا أساس لها من الصحة ولا مبررات قانونية لها.. وهو ما يزيد حجم رقعة الحيرة والظلم من خلال تعمد جهاز النيابة العسكرية التعسف على القانون ورمي التهم جزافا..
نعم.. رمي التهم لي جزافا لاني تجرأة وكتبت علنا ونقدت اداء ذاك الاطار العسكري الذي كم من مرة يخطئ اداريا وقانونيا ولا حياة لمن تنادي.. وحينما فضحت ما تحوزت على معرفته من واقع.. كتبت بحرية وبمنتهى اصراري على ان اكون امينا وملما بالقانون وبما اتناول من موضوع اعلامي ليس كغيره من المواضيع.. والدليل على انه ليس كغيره من المواضيع انه كان منطلقا لتتبعات عدلية امام القضاء العسكري الذي اكتشفت انه فعلا من فئة القضاء الخاص..
هو كذلك.. وهو الذي يسمح تحت لواء هذا القضاء الخاص أن يكون فيه ممثل النيابة العمومية هو الخصم والحكم في الان ذاته.. والدليل اني حضرت الى مكتب ممثل النيابة العسكرية لدى المحكمة العسكرية بصفاقس وما كنت أخال الا أني بصفتي كشاهد كما هو ثابت بنص استدعائي.. لكن فجأة تحول موقعي من شاهد إلى متهم وفي ذات الآن شرع ممثل النيابة ذاته ودون حضور كاتب شرع في استنطاقي ليكون محضر الاستنطاق ذاته موضوع وسند قضية جزائية ضدي.. ليحلو ويطيب لممثل النيابة العمومية العسكرية أن يوجه لي تهم باطلة بلا ريبة.. وهي كذلك بمنطوق الحكم القضائي الذي أصبح نهائيا عدا تهمة واحدة أرادوا أن تكون محل إدانة دون وجه حق.. بالرغم من القانون الواضح والمخترق في ذات التهمة من المحكمة بلا ريبة ..
أما احالتي من طرف ممثل النيابة العمومية العسكرية الذي تولى استنطاقي وبعده قرر احالتي على المجلس الجناحي العسكري وللتو.. يبقى زاخرا بالخروقات القانونية استنادا الى مجلة الاجراءات الجزائية.. وهي تهمة المس من كرامة الجيش على معنى الفصل 91 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية (الحكم بعدم سماع الدعوى لبطلان اجراءات التتبع).. وتهمة الإساءة للغير عبر شبكات الاتصالات على معنى الفصل 86 من مجلة الاتصالات.. (الحكم بعدم سماع الدعوى لبطلان اجراءات التتبع).. علاوة على تهمة نسبة أمور غير قانونية لموظف عمومي متعلقة بوظيفته دون أن يدلي بصحة ذلك على معنى الفصل 128 من المجلة الجزائية (الحكم بخطية قدرها 240 دينارا)...
وكان هذا الحكم الابتدائي وقد أبقي عليه في الطور الإستئنافي بعدما استوفت محكمة الاستئناف العسكرية بتونس جلسات الإستنطاق والمرافعة والمفاوضة التي دامت نصف شهر ليكون حكمها اقرار الحكم الابتدائي.. وبهذا الاقرار فيما يخص عنصر الادانة فقط.. اكتشفت ان القضاء العسكري ليست له القدرة على تطبيق القانون بنسق ممتاز ومطلوب كما يقتضي القانون ومضامين نصوصه الواضحة..
ومع ذلك فان طور اخر لهذه القضية سيكون لاحقا.. لنمتحن مرة أخرى محكمة التعقيب كمحكمة قانون.. والى ذاك الحين.. حين موعد جلسة التعقيب اخلص القول بما مفاده أن القضاء العسكري بتونس مازال يعاني اعاقته المزمنة كالتسلح بذخائر الجرأة والمساواة بين اطراف التقاضي وتطبيق القانون وفق نصه وفقهه لا وفق الاهواء والاعتبارات السياسية.. وتلك هي أهم عوائق القضاء العسكري ببلادنا كما تراءت لي من خلال محاكمتي عسكريا على خلفية مقال صحفي لم يرق للقيادة العسكرية ولا حتى لمن يشرف عنها سياسيا وحكوميا.. خاصة في محاكمته للمدنيين.. وشرفي اني كنت من بينهم.. ولذلك اخلص الى التعبير بان القضاء العسكري يبقى القضاء الخاص وبخصوصيته ذي لا.. ولن يضمن التطبيق السليم للقانون..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.